محمد سليمان العنقري
قبل أسابيع دشن محافظ البنك المركزي السعودي الدكتور فهد المبارك مركز العمليات المشتركة للبنوك السعودية لمكافحة الاحتيال المالي، بعد أن تكررت الشكاوى من وقوع عمليات احتيال تعرض لها العديد من الأفراد وبالمناسبة فهي ظاهرة عالمية لم تسلم منها أية دولة وقد ساهمت استخدامات التكنولوجيا بالتعاملات المالية عالمياً في تيسير حياة الناس والأعمال إلا أنها أيضاً أوجدت فرصةً للمحتالين ليستغلوا بعض الثغرات للقيام بأعمال النصب والاحتيال على ضحاياهم وغالباً ما يكون الخلل ناجماً عن إفشاء الفرد لمعلوماته البنكية للمحتال الذي يستخدم أساليب تقنية تمكنه من إقناع البعض بما يقدم نفسه لهم على أساسه أي أنه من البنك أو المؤسسة المالية التي يتعامل معها من يقعون ضحايا لهذه العمليات.
إذ لا يمكن إنكار أن ما وصلوا له من أساليب متطورة جداً فبخلاف أساليب الإقناع لمن يتصلون بالأفراد للنصب عليهم فقد أنشأوا مواقع على شبكة الانترنت يستخدمون فيها عناوين باسم بنوك أو مؤسسات مالية معروفة مع وضع اختلاف بسيط مضطرين له إلا إنه يصعب على بعض العملاء لتلك المنشآت تمييزه إذ يضعون الاسم الصريح للمنشأة مطابقاً لاسمها المتداول تجارياً بينما بقية الرموز تكون مختلفة لكنها لا تلاحظ لأي فرد إلا إذا كان على علم بالرموز التي يجب أن توضع ليكون العنوان صحيحاًً، إضافة لعمليات الاختراقات التي يحاولون القيام بها دائماً للحسابات البنكية للأفراد وكذلك لمواقع ومنصات البنوك والمؤسسات المالية.
فالظاهرة عالمية وشبكات الاحتيال تديرها عصابات دولية أي أنها مافيات بمعنى الكلمة والمملكة ليست استثناءً من محاولات استهداف الأفراد فيها فهم يتجهون للدول ذات الوضع الاقتصادي القوي إجمالاً, ورغم التقدم التقني الكبير بالمملكة بأنظمة حماية القطاع المالي بكافة تفاصيله, إلا أنه حدثت عمليات احتيال والسبب الرئيسي هو قلة الوعي لدى البعض عندما يردهم اتصال من محتال يدعي أنه من البنك الذي تتعامل معه الضحية بحيث يعطيه تفاصيل معلوماته مما يؤدي لاختراق حساباتهم والتحويل منها قدر المستطاع.
فالتوعية تعد السلاح الأول لمواجهة الاحتيال المالي. لكن بالمقابل لا يمكن التعويل فقط على التوعية لتقدم الحل للحد من عمليات الاحتيال وبالتأكيد لابد من تعاون دولي للقضاء عليها إضافة للاستمرار بتطوير الأنظمة التي تعطل هذه العمليات فبعض الحالات التي سمعنا عنها تعاملت مع مواقع شبيهة جداً بتصميمها من مواقع البنوك أو المؤسسات المالية وتلقوا اتصالاً من أشخاص قدموا أنفسهم بأسماء أسر معروفة محلياً أي أحكموا تمثيل الدور الذي يقنع ضحيتهم بأنهم فعلاً من المنشأة التي يتعاملون معها وباللهجة الدارجة وهو ما يتطلب فعلاً القيام بعمل أوسع نطاقاً لمعالجة هذا الخلل أي متابعة دائمة لتعقب المواقع المزيفة التي تحمل اسم بنوك أو مؤسسات مالية محلية لإغلاق المنافذ عليها وإقفالها.
ومن حهة أخرى فإن وضع بعض القيود المقبولة والتي لا تعيق سلاسة العمليات المالية للأفراد تعد ضرورية فصحيح أن البنك المركزي أخذ إجراءات مؤقتة قبل أشور إلا أن بعض المراجعات ضرورية مثلاً لمدد إتمام التحويل للمبالغ التي تزيد مثلاً عن عشرة أو عشرين ألفاً وأن يخفض مبلغ التحويل المتاح للفرد خلال 24 ساعة كما هو الحال بالحد الأعلى للسحب من بطاقة الصراف الآلي مع زيادة عنه قليلاً كأن يكون عشرة آلاف مع إتاحة الفرصة لمن يرغب برفع هذا الحد, أما للحوالات الدولية فمن الضروري خلال الفترة الحالية والقادمة أن تكون مدة إتمام التحويل لعدة أيام حتى تنحسر هذه الهجمات الاحتيالية على الأقل ومن يرغب بتحويل مبالغ كبيرة فيكون ذلك عبر الفروع, وذات الأمر لمن يقوم بحوالات بمبالغ كبيرة محلياً إضافة لتكثيف رسائل التوعية بشكل دائم من المنشآت بالقطاع المالي لعملائها بالعناوين الصحيحة لمواقعهم وكذلك إيضاح آلية تواصلهم وماهي المعلومات التي يطلبونها عادةً والفرق بينها وبين ما يطلبه المحتال من ضحاياه والتي تكشفه لهم.
مكافحة الاحتيال المالي مسؤولية كافة الأطراف والتعاون بينهم أساسي للحد منها والتوعية ركيزة لا غنى عنها لكن تطوير الأنظمة والإجراءات مهم في مواجهتها فالتقنية تعطي المجال للتطوير الدائم للتغلب على أية ثغرات مع أهمية التنبيه أيضاً لأنه قد يكون بعض ما ينشر عن حالات احتيال عبر مواقع التواصل الاحتماعي من حسابات بمعرفات وهمية غالباً خارجية له مآرب بهدف التشكيك بالإجراءات المتبعة بالنظام المالي بالمملكة والذي يعد متطوراً جداً وينفق على أنظمة الحماية فيه استثمارات كبيرة.
فالمعلومات عن حجم عمليات الاحتيال وأنواعها وأساليبها لا يجب أن يؤخذ إلا من الجهات الرسمية والمعنية فقط وضرورة عدم تداول أي تسجيلات أو منشورات لا يعرف مصدرها.