حبيبنا الغالي فهد بن محمد المفيريج أبا هشام.. بعد أيام مضت استوعبنا فيها حقيقة «الحياة والموت»، ها نحن نناجيك وأنت حقاً تحت التراب وكأنك لم تفارقنا وستظل تتوطن قلوبنا، فكم من ميت وهو بذكراه كسائر بين الأحياء.
«إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونون».
افتقدنا بفراقك الطيب الذي تفوح منه مبخرة قلبك الكبير، وبذكرى فراقك لن ننسى طيب المعشر وصفاء السريرة، كنت تملك من الخُلق والتهذيب والسمعة الطيبة ما تعجز عن وصفه كلمات محب عابرة. نشهد الله بأنك منظومة من المبادئ والقيم سمت بك إلى السماء فلم نسمع منك إلا أطيب الكلام، وأجمل القول، إن تحدثت عن تاريخ أهلنا وأرضنا ملكت مسامع الجميع، وتجولت بهم في كل معلم جميل من إرث الآباء والأجداد، فما كنت إلا عارفا بتواريخ الأحداث تبهر كل من جالسك، وتمتلك حواس كل من حولك، إلى أن أصبحت رمزا وطنيا في توثيق سيرة وطن عظيم وشامخ، وذلك لا يتأتى إلا للثقاة الأوفياء أمثالك الذين استهواهم التاريخ وسارت بأحاديثهم الركبان، كم من مرة أخذتنا بحديثك في حارات الرياض تسرد سيرة ملوكنا وأهلها بيتا بيتا بأطيب الكلام وأعذبه.
رحمك الله، فعلى مر السنين والأيام لم ينجح أحد من محبيك في استفزازك، وكانت أقسى كلمة تخرج منك «اركد بارك الله فيك»، فكم أحببناها وألفناها فعشقتها القلوب والأفئدة وهي تتردد فوق شفاهك صدى عذبا تترنح بها آفاق المجالس وتسعد بها قلب كل جالس، ونحن حولك عشاق الحديث الماتع الذي تديره علينا في كؤوس السرد والحكاية بكل فن ودراية، تسافر بنا عبر العصور، دون ملل أو فتور، فلم نسمع منك يوما كلمة (ولو سهوا) تخدش جمالك ورقي مقامك، وإن ما يخفف مصابنا فيك يا حبيبنا هو إيماننا أن هذا هو طريق كل مخلوق ونشهد الله على محبتك، وحقك علينا هو الدعاء لك بالرحمة والمغفرة، ومن بشائر الخير هو ما شاهدناه من تفاعل وطني كبير أظهر مكانتك وحب الناس لك في كل مكان ومن كل الأطياف.
أما أسرتك الكريمة فأقول لهم: لي أن أهنئكم بهذا المقام الذي وضعه الله من محبة الناس لوالدكم، ففي الحديث القدسي الشريف (إذا أحبَّ الله عبدا، حبَّبه إلى عباده) والناس شهداء الله في أرضه، أدعو الله تعالى أن يرفع مقامك ويعلي درجتك آمين.
** **
- سعد بن عبدالعزيز المقيرن