علي الصحن
النقد بمفهومه العام هو تعبير مكتوب أو منطوق عن أمر معين، ويفترض أن يبنى على أسس علمية - بهدف المفاضلة بين الجيد والسيئ، وتقييم العمل، وإظهار إيجابياته وسلبياته، وإيضاح محاسنه وعيوبه، وتحديد أوجه الخطأ وسبل تقويمها وإصلاحها، ويقوم به شخص مؤهل لذلك، وفي مجال محدد.
والنقد أنواع عدة منها النقد العلمي الذي يقوم على قواعد واضحة متفق عليها، والنقد البناء الذي يساهم في التطوير ولا يمس الجوانب الشخصية مباشرة، وهناك نقيضه وهو النقد الهدام الذي يركز على الجوانب السلبية، ويحرص على إظهار العيوب، ويهاجم الأشخاص وربما لامس كرامتهم، ويرميهم بسهامه في كل مناسبة.
هناك أيضاً النقد الذي يبالغ فيه الناقد في الإشارة إلى الجوانب الإيجابية، وبحرص على إبرازها في كل مناسبة، ويصور أن المنقود خالٍ تماماً من الأخطاء، فالنجاح بسببه، والفشل نتيجة عمل غيره، وهذا النوع هو ما يُسمى اليوم في الشارع الرياضي بـ (المطبل) وهو من وجهة نظري أخطر من النقد الهدام في تأثيره على منظومة العمل في أي فريق أو ناد، وخلقه للحساسيات والتمايز بين فريق العمل الواحد.
عندما أقرأ ما يُنشر من مقالات أو أشاهد في بعض الأحيان بعض البرامج الرياضية، أو ما يُطرح في وسائل التواصل الاجتماعي، استغرب وغيري كثيرون بعض ما يُطرح وطريقة النقد التي تتم على الهواء أو الورق.
مشكلة بعض الضيوف أو النقاد مجازاً، أنهم لم يعودوا نقاداً بالمعنى الصحيح للنقد، بل يقدمون أنفسهم كمحامين عن أندية أو مسؤولين معينين، فيدافعون عنهم، وينزهونهم من الأخطاء، ويؤكدون سلامة موقفهم، وصحة أعمالهم في كل شيء، وعلى الطرف الآخر، لا ينفكون عن التقليل من الآخر، والتشكيك في مكتسباته، والنيل من القائمين عليه، بطريقة هي أقرب للحقد من النقد.
إن الناقد الرياضي، يجب أن يتحلى بالمصداقية وبسلامة الأهداف، فلا يبالغ في الإساءة لطرف ولا بالإشادة بآخر، وأن يكون التقييم للعمل ونوعيته، وليس للشخص وطبيعة العلاقة معه، كما أن الناقد ومن منحه الفرصة يجب أن يؤمنا بالتخصص، فليس من المعقول أن يتحدث شخص واحد عن الأمور الفنية والتحكيمية والقوائم المالية والمسائل القانونية والإصابات الرياضية وعن زراعة الملعب وطريقة الري وعن صحة اللاعب ونوعية الغذاء ... إلخ فهناك أمور تحتاج إلى متخصصين متعلمين وليس مجرد رأي عابر تم سماعه في الطريق.
إن دور الناقد ليس البحث عن العيوب وتضخيمها، وليس تقديم الإيجابيات وتعظيمها، وليس دوره البحث عن مبررات لفشل شخص وتقزيم نجاحات آخر، وهو ما نشاهده من البعض ومن طريقة نقدهم، بل يقوم دوره على الحديث عن موضوع معين بقصد التعرّف على مستواه وجودته وأوجه ضعفه ومزاياه، وعندما يدرك الناقد ذلك فسوف يكون له الدور الإيجابي المنشود بدلاً من كونه مجرد صياد أخطاء أو مطبل فقط.