د. إبراهيم بن جلال فضلون
لو نظرنا إلى المشهد العالمي، لرأينا فوائد التحول الرقمي بكافة المجالات، لكن إذا زاحمتهُ السياسة وصراعاتها، لبرزت عيوبها، بزيادة السلطوية الدولية ووضع عدد أكبر من الأعين عليها فما بالك بمصير المياه، حول (خمسة آلاف ميل من السواحل، من البحر الأحمر وحول شبه الجزيرة العربية وصولاً إلى الخليج العربي)، لاسيما بجفاف أنهار أوروبا كالراين وتعزيز الوعي حول ما يحدث في البحار المحيطة، ومحاولة التحكم بالمياه الدولية بثوب باطنه العذاب وظاهره الرحمة في إعادة دورها الشرطي، ومجابهة الوجود الروسي الصيني وتمددهم بالمياه الدولية اعتمدت الإدارة الأمريكية الذكاء الصناعي وخرائط تفاعلية، وبيانات أقمار صناعية، وشاشات مراقبة تجعل مياه الشرق الأوسط مسرحاً للتلاعب من جديد بتحويلها لأول مشروع بحار رقمي في العالم كونها مهمة وركيزة الاقتصاد العالمي، وشرياناً حيوياً لحركة التجارة العالمية، لتكون نقطة انطلاق غربي أميركي يعزّز دورها الرادع للتهديدات بمختلف أنواعها.. فهل فهموا حق مصر والسودان المائي؟
إن الهدف الرئيس من تلك الرقمنة تعزيز الوعي بالمجال البحري الشاسع، وتعزيز عامل الردع، وحجتها بذلك لتأمين حركة التجارة ومحاصرة التهريب وردع التهديدات عبر شبكة مترابطة من المركبات المسيّرة كمسيرة «Devil Ray T-38»، وأجهزة الاستشعار الذكية، والسفن الحربية، والعوامات، منطلقة من مقر «فرقة العمل 59» الأسطول الخامس في البحرين، في ثورة مُسيرات ورقمنة للبحرية العائمة في الشرق الأوسط من خلال دمج أنظمة غير مأهولة والذكاء الصناعي في العمليات لجعل مياه الشرق الأوسط المتحكمة بالملاحة الدولية عبرها آمنة ومستقرة، وبلا تهريب المخدرات والأسلحة والبشر، إلى استهداف البنى التحتية للدول ومنشآتها المدنية، وعرقلة حركة التجارة الدولية عبر الممرات المائية الحيوية، كما يحدث من إيران بالخليج العربي، وروسيا بمياه أوكرانيا ومنع سفن الحبوب من المرور، ليُعلن «تيموثي هوكينز» قائد الفرقة إطلاق أول قوة مُسيرة بحرية في العالم، بقوة 100 مركبة مسيرة فوق سطح البحر بحلول صيف 2023 لمراقبة حركة الملاحة، وتحليل البيانات والإشارات التي تصلها من المركبات المبحرة، والتحقق من الأنشطة البحرية المشبوهة.
ولكن السؤال المُحير لمَ الآن؟ وسط تحفظ المسؤول العسكري الأميركي عن الإفصاح عن الدول المشاركة، رغم أن «الطائرات دون طيار تُستخدم منذ 20 عاماً، والمسيّرات تحت سطح الماء منذ 10 سنوات، لكن المركبات المسيّرة فوق سطح الماء لم يبدأ العمل بها إلا قبل نحو عام، ورغم أنه تم اختبارها في أضخم مناورات بحرية (IMX22) وإطلاق 80 مركبة مسيّرة من قبل 10 دول بمشاركة 60 دولة في فبراير الماضي.. لمَ لا وقد يكون لها فوائد وفق تصريحاتهم المُعلنة ومفهوم المرونة Resiliency أو القدرة على استعادة عافية تشغيل الملاحة الدولية بالسرعة الكافية لبناء مستقبل مائي مستدام.