لقد كان في السابق من شروط صندوق التنمية العقارية أن يضع بعض الاشتراطات المتعلقة بتصميم البيوت، عن طريق وضع بعض المواصفات التي لا يجوز مخالفتها، وهذه الاشتراطات قد تكون حلاً لمشكلة منتشرة تتعلق بتصميم البيوت، فقد يعمد بعض راغبي السكن وخصوصاً من يطلبون منتج البناء الذاتي إلى تصميم «منزل العمر» على مساحات واسعة، وتكاليف باهظة، رغم اعتماده على قرض بنكي مدعوم الأرباح من قبل وزارة الإسكان، فيرهق نفسه بالحصول على 500 ألف ريال ولا يكتفي بها، بل يزيد عليها مئات الآلاف ليبني منزل العمر، الذي لا يحتاجه غالباً من كان في مقتبل عمره، وأسرته لا تزال أسرة ناشئة، مكونة من طفلين أو ثلاثة ثم يرهق نفسه ببناء فيلا معطّل نصفها أو ثلثاها، مساحتها تزيد عن حاجته، إضافة إلى صعوبة تأثيثها، وأيضاً تبريدها، وتدفئتها، وما يتبع ذلك من تكاليف معروفة.
فرحلة البناء تبدأ من المخطط المعد بالتفاهم بين المكتب الهندسي وبين طالب السكن، وهي مرحلة الأمنيات بالنسبة لكل أسرة، فالغرف لا بد أن تكون واسعة، والإطلالات لا بد أن تكون جميلة، ودورات المياه «تسرح بها الخيل»، والحديقة المنزلية، غير المسبح الخارجي، والجاكوزي الداخلي، إلى غير ذلك من الكماليات، إضافة إلى التصاميم التجميلية غير الضرورية بالغة التكاليف، تحت عنوان مخادع وهو «بيت العمر».
ثم ما إن يبدأ طالب السكن بالبناء الذاتي حتى يفاجأ بأن الذي على الورق أصبح من الصعب تنفيذه دون مراكمة الديون، وقد يقف في نصف المشوار، على مرحلة العظم أو التشطيب، ويتعطّل المشروع لسنوات، فلا هو بالذي سكن في منزلٍ يؤويه، ولا هو الذي تخلص من التمويل العقاري مرتفع التكاليف، الذي يزيد استقطاعه عن نصف راتبه غالباً.
ماذا لو كان من شرط الحصول على الدعم أن يكون المنزل مبنياً وفق احتياج الأسرة الحالي، قليل الكماليات، ويركز على الضروريات، ولمستقبل لا يزيد عن 15 سنة أو 20 سنة كحد أقصى وعند انتهاء التمويل العقاري؟
ويكون هذا المنزل هو البداية التي يتخلص بها طالب السكن من الإيجار، ومع انخفاض القسط الشهري من الراتب، ومع الزيادة السنوية للراتب سنوياً، يستطيع أن يؤسس للبيت المستقبلي الذي يكفيه ويكفي أسرته حالما تكبر ويزيد عدد أفرادها، ويمكن أن يحقق معها نوعاً من الرفاهية له ولأسرته مستقبلاً.
أخيراً... أرى من الضروري وضع عدد من التشريعات التي تحد زيادة تكاليف السكن سواء في التصميم أو شراء الجاهز، وتكون متناسبة مع دخل المواطن وعدد أفراد أسرته، والله من وراء القصد.