أحمد المغلوث
يعيش الوطن كل الوطن فرحة العودة للدراسة، بل كل بيت فيه يعيش هذه الفرحة خاصة من لديه أولاد صغار اصطحبهم لأول مرة إلى الروضة أو المرحلة الابتدائية, لحظاتها اختلطت دموع الصغار بدموع فرح الآباء والأمهات وهم يصحبون «أكبادهم» التي تمشي على الأرض, مشاهد لا أروع وفيها الكثير من الدراما والمواقف المختلفة. وكم طفل وطفلة بدأوا خطواتهم الأولى في عامهم الدراسي الأول. هناك من ارتسمت على وجوههم الابتسامات الطفولية المحببة وهناك من اغرورقت عيونهم بالدموع وهم حتى داخل المدرسة مازالوا ممسكين بأيادي أولياء أمورهم، وجدران المدارس تصيخ السمع لصراخ بعض الأطفال مع دخولهم إلى الفصول الدراسية خاصة في المراحل الأولى ومنذ بدء الدراسة, وفي كل مكان في العالم تتكرر هذه المشاهد المثيرة للسعادة والبهجة والآباء والأمهات تعود بهم هذه اللحظات وهم يشاهدون أطفالهم وهم يدلفون إلى داخل فصولهم، ومدارس توزع الحلويات على الأطفال وتستقبلهم بحب وعناية مع اللحظات الأولى لدخولهم هذا العالم الواسع والذي يطمح ويتطلع إليه كل الآباء والأمهات في العالم. وبقدر سعادة المليارات من البشر وهو يعيشون فرحة دخول أبنائهم المدارس فهناك من يعيش في دول عديدة حزناً عظيماً لعدم قدرتهم على إلحاقهم في المدارس. إما لظروف الحروب والفقر أو نتيجة لكوارث وأمراض.. أو لعدم وجود من يرعاهم ويعتني بهم. فمصيرهم عادة ما يكون مجهولاً. دول عديدة تعاني من أزمات وظروف اقتصادية تحول دون قدرتها على جعل الدراسة متاحة للجميع فلكل دولة ظروفها ومعاناتها وأزماتها.
أما الدول التي تعمل على إتاحة الدراسة فهي تتيح ذلك من خلال رسوم تختلف من دولة وأخرى. أما بلادنا ولله الحمد والمنة فمنذ البدايات كانت ومازالت الدراسة وفي مختلف مراحل التعليم مجانية بل تدفع مكافآت لطلاب وطالبات الجامعة والكليات والمعاهد.. بل وتوفر المواصلات للطلاب والطالبات الذين يسكنون في مناطق بعيدة ولا تتوفر فيها مدارس مناسبة للمرحلة التي يدرسون فيها. لست هنا في مجال الحديث عن تاريخ التعليم في بلادنا فهو تاريخ واسع وقديم لكن من الجدير بالإشارة إلى أن التعليم قد بدأ نظامياً في عهد المؤسس طيب الله ثراه بتأسيس مديرية التعليم عام 1344هـ وهذا يعني مرور 100 عام مشرقة ومضيئة حتى اليوم وتنامت وتطورة العملية التعليمة بصورة لافتة..
واليوم والدراسة قد بدأت مع بداية يوم الأحد الماضي. فمن الجدير أن نشير بكل تقدير لكل من ساهم في إثراء التعليم أكان ذلك قبل التعليم النظامي أو من خلال الكتاتيب والمطوع وصولاً للمدارس الخاصة. جميعهم كان لهم دور وشأن كبيران مازال لجدودنا الذين مازالوا على قيد الحياة ذكرياتهم في تلك الأيام التي عاشوها وكم كانت لهم مواقف ومعاناة وهم يتوجهون ومنذ ساعات الفجر متوجهين بعضهم يركب حصاناً أو حماراً ليتجه إلى حيث يتلقى دروسه الأولى, وما زال بعض من المربين الأفاضل أمد الله في أعمارهم ومتعهم بالصحة والعافية الذين كانوا رواداً في مجال التعليم يذكرون ذلك وأكثر من ذلك.
وتمنيت مع بداية العام الدراسي الجديد. لو قامت وزارة التعليم الموقرة بالإعداد لاحتفالية مئوية. نعرض فيها صوراً وأفلاماً ونقيم ومعارض مختلفة لهذه الاحتفالية ونحاول أن نلتقي بمن مازال على قيد الحياة من رواد التعليم في كل منطقة ومحافظة. ليحدثنا عن ذكرياته في البدايات. فما أجملها من ذكريات.. ومبروك العام الدراسي الجديد.