د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
وضعت السعودية استراتيجيات جديدة تهدف لتعزيز النمو الغذائي ومواجهات تحديات التغير المناخي وندرة الموارد المائية، حيث يواجه المجتمع الدولي تحديات متمثلة في تهديد الأمن الغذائي، حيث تظهر المؤشرات العالمية انحراف المسار عن تحقيق أهم أهداف التنمية المستدامة والمتضمن القضاء على الجوع، ونتيجة نقص الغذاء هناك نحو 132 مليون شخص يعانون من نقص الغذاء.
التجربة الغذائية في السعودية طوعت البيئة ضمن ضوابط زراعة الأعلاف الخضراء التي تستهلك كميات وفيرة من المياه وفق حجم كل مستثمر 50 هكتاراً ( الهكتار يعادل 10 آلاف متر) ولأصحاب المشروعات الكبيرة أكثر من 100 هكتار، مع تقليل الهدر الغذائي والمائي، ورفعت إنتاجها من القمح إلى 1.7 مليون طن سنوياً، على أن يلتزم المزارع بعدم استهلاك أكثر من 5500 متر مكعب من المياه للهكتار، بعدما كانت تنتج السعودية 4 ملايين طن من القمح في التسعينيات من القرن الماضي ثاني دولة عربية بعد مصر وعدم زراعة أي محصول صيفي بعد القمح والشعير حفاظاً على المخزون المائي، الذي يستدعي تطوير شبكات نقل وتخزين للغذاء لزيادة العمر الافتراضي للمنتجات تحول دون تعرضها للتلف السريع.
وهي تجربة مميزة في تعزيز البحث وتسخير التكنولوجيا في الإنتاج، وهي خطة مكتملة بين الاستزراع في الخارج ( سالك ) للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني تستثمر مليوني هكتار في القارة السمراء، وفي أستراليا نحو مساحة زراعية تتجاوز الـ 494 ألف فدان في منطقة زراعة القمح بولاية أستراليا الغربية، إلى جانب 40 ألف رأس من أغنام المارينو، واستحوذت على شركتين زراعيتين في أوكرانيا ودمجهما تحت مسمى ( كونتينتال فارمز ) لتدير 194 ألف هكتار من الأراضي الزراعية غرب أوكرانيا، وفي البرازيل في قطاع الزراعة واللحوم والمنتجات الصناعية والكيميائية، بجانب مساحات في لوس أنجليس وأريزونا، والأرجنتين لزراعة الأعلاف وتصديرها لشركات الألبان المستخدمة كأعلاف للأبقار وفي دول عديدة، باستثمارات تصل أكثر من 10 مليارات ريال.
يتم توظيف التكنولوجيا في الإنتاج الداجني والحيواني، وزيادة الاهتمام بالصناعات الغذائية حتى أصبحت الشركات الغذائية السعودية أحد اللاعبين الكبار في أسواق الشرق الأوسط، وارتفع الناتج الغذائي 7.8 في المائة بنحو 72.25 مليار ريال بعد مصر والجزائر من أجل أن تتحول تلك الشركات إلى مركز إقليمي لتجارة الأغذية.
تأسر التجربة السعودية الألباب في أنها بلد صحراوي لا توجد فيه أنهار، لكنها طوعت التكنولوجيا في استثمار المناطق القابلة للإنتاج الزراعي، أي استغلت المزايا النسبية لكل منطقة من ناحية المناخ ووفرة المياه وللسلع ذات الميزة التفاضلية وفق 11 برنامجاً استراتيجياً، واعتماد برامج متكاملة لشبكات الأمان الاجتماعي بما يرتقي إلى المعايير الدولية وتطبيقها، واعتماد برنامجين استراتيجيين هما نظام الإنذار المبكر، وإدارة حالات الطوارئ، وكذلك برنامج المخزون الاستراتيجي من الغذاء في مواجهة مخاطر الندرة الغذائية.
فالقصيم جيولوجياً هي أعمق منطقة تسيل نحوها مياه الأحواض فعمق تكوين الساق 1850م وتشترك القصيم أيضاً في تكوين تبوك، فهي منطقة غزيرة الإنتاج الزراعي، واستثمرت أيضاً تبوك والجوف وهما منطقتان جيولوجيتان منخفضتان تسيل نحوهما المياه الجوفية ومن أهم الأودية التي تغذي الجوف وادي السرحان الذي ينحدر من الأردن، وهي منخفضة في درجة الحرارة، بجانب استثمار منطقة جيزان وبعض المناطق الجنوبية التي تتواجد فيه مياه متجددة منحدرة من جبال عسير، مع تعزيز برنامج التنمية الريفية بتكلفة 12 مليار ريال حتى 2025 لتوفير 43 في المائة من الاحتياجات الكلية لسكان المناطق المستهدفة ونحو 19 في المائة من الاحتياجات الإجمالية للغذاء في السعودية.
بلغ عدد الشركات المنتجة للألبان 12 شركة وطنية حتى عام 2020 تنتج 7 ملايين لتر تصدر نحو 25 في المائة من إنتاجها لدول مجلس التعاون الخليجي بصادرات حليب 56.4 في المائة من إنتاجها، وبدأت في التوسع الرأسي في إنتاج الثروة الحيوانية، وأنتجت 750 ألف طن من الدجاج اللاحم بنسبة اكتفاء 60 في المائة عام 2019، وحققت الاكتفاء الذاتي الكامل في بيض المائدة، وأصبحت السعودية من الدول الرائدة في الاستزراع السمكي حيث صدرت 60 ألف طن من الأسماك ونحو 40 ألف طن من الروبيان في عام 2018، وستكون هناك مزرعة أسماك في نيوم أكبر مزرعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقدرة إنتاجية تصل إلى 70 ألف مليون زريعة، وتحسين إنتاجية أنواع الأسماك في البحر الأحمر لتحقيق هدف بإنتاج 600 ألف طن من المنتجات السمكية بحلول عام 2030.
تمكنت السعودية من تحقيق اكتفاء ذاتي من الحليب بلغت 120 في المائة، ومن التمور 111 في المائة، ومن الخضراوات 87 في المائة، ومن البيض 116 في المائة، ومن الأسماك 45 في المائة.