حمّاد بن حامد السالمي
* الأستاذ الأديب الشاعر الكاتب: (علي بن خضران القرني)؛ اسم لامع في سماء الأدب والشعر والصحافة والإدارة كذلك. لن أدعي معرفة بهذا الصديق والزميل تفوق ما يأتي به غيري، خاصة ممن عاصره قبلي وعمل معه. لكني حقيقة؛ عرفت هذا الاسم وأنا على مقاعد الطلب في المرحلة المتوسطة في منتصف الثمانينيات الهجرية من القرن الهجري الفارط. يومها كنت عند خروجي من مدرستي: (عكاظ المتوسطة) ظهيرة كل يوم؛ أذهب إلى حيث أخي الأكبر (حميّد أبو صالح)- رحمه الله- في المحكمة، بداية في بيت الإيراني من الطرف الشرقي لمستشفى الملك فيصل، ثم في مقرها الثاني في أسفل شارع البريد، حيث فيها بيت المال الذي يرأسه العم: (عبدالمغني أمين) رحمه الله، وأخي حميّد يعمل معه حتى تقاعد. أذهب إليه ظهيرة كل يوم؛ لكي يأخذني معه في سيارته إلى حي عوده بالمثناة، حيث يسكن هو، وأسكن أنا مع جدتي لأمي رحمها الله. هذا قبل أن أمتلك دراجة عادية في نهاية المرحلة المتوسطة، ثم دراجة نارية حتى التخرج في معهد المعلمين الثانوي.
* كنت أتردد على المحكمة وبيت المال تحديدًا، وكنت أرى الأستاذ علي خضران وقتها؛ وهو واحد من موظفيها، ثم عرفت بعد ذلك أنه يشرف على معهد لتعليم الآلة الكاتبة للشيخ سعيد بافيل رحمه الله، ومقره بحي السليمانية سويقة الجديدة عمارة سعيد بافيل، فالتحقت بالمعهد متدربًا، وتعلمت لمدة شهر، كان أستاذي عباس كدارة رحمه الله. ثم اكتفيت بآلة اقتنيتها في داري، وأصبحت أضرب عليها وأكتب مقالاتي ودراساتي حتى حل عصر الكمبيوتر.
* في تلك الفترة؛ وأنا تلميذ مرحلة متوسطة، كنت مندوبًا لصحيفة الندوة، أكتب لها من الطائف، وكنت أقرأ لعدد من الصحافيين والكتاب الذين يكبرونا سنًّا وخبرة، وسبقونا في هذا المجال، ومنهم الأستاذ علي خضران، الذي كان يكتب للمدينة، وينشر فيها وفي عكاظ وفي المنهل وغيرها، وهو بلا شك من الأساتيذ الذين تتلمذنا عليهم إعلاميًّا وأدبيًّا، فقد كنت أقرأ له مقالات في الشأن العام، وما يلامس هموم المجتمع، إلى جانب مقالاته الأدبية ونصوصه الشعرية، وكان منذ تلك الفترة؛ اسمًا له حضوره على الجغرافية الوطنية، بما يطرح من أفكار ورؤى نقدية، وبما له من معرفة واسعة مع كبار الأدباء والناشرين، الذين لم نسعد برؤيتهم والقرب منهم إلا بعده بأعوام.
* علاقتي بأخي وصديقي وزميلي الأستاذ علي خضران القرني؛ توطدت وتوسعت أكثر مع ظهور النادي الأدبي، يوم كان أحد مؤسسيه وأحد أعضاء مجلس إدارته، ثم تقاطعنا في التعامل كثيرًا، وهو في منصبه مساعدًا لمدير تعليم البنات عدة أعوام، وربطت بيننا أكثر؛ تلك اللقاءات الأدبية التي كانت تتم في النادي، أو في جمعية الثقافة والفنون، أو في ليالي الطائف الحميمية وخاصة في الصيف، إذ نستقبل عديد الأدباء والمؤرخين من كافة مدن المملكة، ونسعد بهم في حوارات ونقاشات حبية في مجالسنا الخاصة، وكان من أبرز نجومها من أدباء الطائف؛ (الأستاذ الأديب الناشر عبد الرحمن المعمّر، والأديب الشاعر الدكتور عبدالله العبادي- حفظهما الله، ثم الشيخ محمد الطيب، والشيخ محمد أنور عسيري، والشيخ محمد بن عبدالرحيم الصديقي، والأستاذ عبد الله الماضي الربيعان، والدكتور يوسف عز الدين). رحمهم الله. وغيرهم كثير.
* ازددت معرفة وقربًا من أخي أبا خالد؛ بعد أن أصبحنا سوية في مجلس إدارة نادي الطائف الأدبي الثقافي في التشكيل الجديد، كنت نائبًا للرئيس، وكان هو المسؤول المالي، ثم عملنا جنبًا إلى جنب في التشكيل الثاني يوم تسلمت إدارة النادي، وجاء هو نائبًا للرئيس ومسؤولًا ماليًّا وإداريًّا. لن أنسى هذه الفترة التي استطعنا فيها وفي خلال عام ونصف إصدار وطباعة 52 كتابًا معظمها للشباب والشابات الذين يُنشر لهم لأول مرة. كتب أدبية وشعرية وقصصية وتاريخية ونقدية. ولن أنسى الكتاب المميز لأخي وزميلي علي خضران المعنون: (من أدباء الطائف المعاصرين)، الذي جاء على رأس 16 كتابًا احتفلنا بتدشينها في ليلة واحدة، وهي ليلة الاحتفال برؤساء وأعضاء مجالس إدارة النادي السابقين لأول مرة منذ تأسيسه عام 1395هـ. كان الاحتفال في فندق (رامادا) بالهدا، وبرعاية معالي محافظ الطائف أوانذاك (فهد بن عبد العزيز بن معمّر)، وحضور وكيل وزارة الثقافة والإعلام د عبدالعزيز الحجيلان، وأدباء ومثقفين من مختلف مدن المملكة.
* كان أبو خالد؛ شعلة نشاط في النادي، وداعمًا إيجابيًّا لكل منجز تم لنا في تلك المرحلة التي تميزت بنقل أنشطة النادي لأول مرة من محيطه داخل الطائف؛ إلى محافظات تربة ورنية والخرمة، ثم إلى مراكز بني سعد وبالحارث وثقيف وبني مالك. كان نائب رئيس النادي شعلة نشاط، ليس في المجال المالي والإداري فقط؛ ولكن في جوانب تمس الأنشطة الثقافية والفعاليات المختلفة التي نفذناها ولاقت نجاحًا منقطع النظير. هذا هو صديقنا وزميلنا الأديب الشاعر الكاتب علي بن خضران القرني الذي يصدق فيه قول الشاعر:
وَإِذا صاحَبتَ؛ فَاصحَب ماجِدًا
ذا عَفافٍ وَحَياءٍ وَكَرَم
قَولُهُ لِلشَيءِ لا إِن قُلتَ لا
وَإِذا قُلتَ نَعَم؛ قالَ نَعَم
* مما يحسب لصديقنا وأخينا الأستاذ علي خضران رعاه الله، انفتاحه على كافة الأطياف الأدبية والثقافية، فلم أعرف أنه تحيز أو تفرد أو ناصر فئة ضد أخرى. كان أديبًا وكاتبًا وطنيًّا متوازنًا في طرحه وهو يكتب المقالة، وينشر الدراسة، ويعد البحوث الأدبية والشعرية والنقدية، وها هي كتبه شاهدة على توسطه وتوازنه واعتداله. مما ألّف ونشر: (صور من المجتمع والحياة - مختارات شعرية - أبها في مرآة الشعر المعاصر - قراءات عابرة - خطرات فكر في رياض الشعر والنثر) وغيرها، إضافة إلى كتابه الموسوعي: (من أدباء الطائف المعاصرين).
* أدعو الله بحب وإخلاص؛ أن يمد في عمر أخينا أبي خالد، وأن يتم عليه بالصحة والهناء.