الثقافية - أحمد الجروان:
تتفق غالبية المفاهيم الفلسفية في جماليات الفن السابع، حيث إنه يجمع الفنون الستة ويأثر تأثيرًا مباشرًا وغير مباشر على حواس المتلقي.
وتناولت بعض كتاب الفلسفة العلاقة بين القطبين، إذ أشار المؤلفان داميان كوكس ومايكل ليفين في كتاب «السينما والفلسفة» توسع نطاق الموضوعات الفلسفية، مدركان أن السينما قد تصبح أدوات فعّالة لنقل الأفكار الفلسفية لتمثل الحياة بطبيعتها وجمالها، كما أكد هنري آجيل في كتاب «علم جمال السينما» شمولية السينما كونها الفن الذي تتجه نحوه كل الفنون الأخرى.
وفي السياق ذاته أقامت جمعية الفلسفة السعودية بالتعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة أمسية عنوانها «الفلسفة والجمال في السينما»، مساء الخميس الماضي للمخرجة ضياء يوسف والمخرج وكاتب السيناريو عبد المحسن الضبعان، بإدارة يزيد البدر.
واستهلت ضياء يوسف الأمسية بتساؤل: هل لجماليات الأفلام السينمائية، قدرة على توليد أسئلة فلسفية؟ وهل يمكن لجماليات الأفلام أن تصبح موضوعًا للتفكير الفلسفي، وإلى أي مدى يمكن أن تكون الجماليات، تعبيراً في الفيلم كفلسفة؟
وأوردت اقتباساً للفيلسوف دريدا: «لا سينما دون إستطيقا»، ولا يمكن تكوين منظور جمالي من فراغ فلسفي، ترتبط الجماليات وبكل وضوح بالأفكار، «سأناقش في هذا التحليل هنا جانبين أساسيين من فلسفة الجمال في السينما هي الموضوع أو ما هو معروض، بغض النظر عن مدى تجريده، وكيف تم عرضه، والأساليب التي استخدمها الفنان لإيصال الموضوع، فالتناغم بين الموضوع والأسلوب لا يخلق جماليات العمل فقط، بل يتعدى إلى بيانه ورسالته.
واستشهدت ضياء بفيلم «ولد سدرة» ككاتبة ومخرجة للعمل حيث إنه مغامرة تجريبية في عالم السينما الشعرية، وقالت: «هذا الفيلم هو تجربة يمكن تذوقها جمالياً كسينما شعرية لكونه قدم مشاهد رمزية غارقة في الاستعارة والإسقاطات السيمولوجية، ونهل من الأساطير القديمة، دون الاعتماد على السرد التقليدي».
وأضافت: «حبكته مقتبسة من الفلكلور المحلي والحضارات الغابرة مع الإبقاء عليها معلقة دون حل، أي بمنزلة اللغز».
وبينت ضياء بأن الناقد والفيلسوف والمنظر الفرنسي جيل دولوز كان يقول: كبار كتاب السينما لا يمكن مقارنتهم لا بالرسامين والمعماريين والموسيقيين فحسب، بل بالمفكرين أيضًا، ذلك أنهم يفكرون من خلال الصورة، الحركة والصورة، الزمن، بدل أن يسوقوا المفاهيم.
وأكد الكاتب عبد المحسن الضبعان بأن علاقة الفلسفة والسينما تحتاج إلى تحرير للمفاهيم أولاً، وأن فيلم «جيجك» السينمائي يستحق التأمل، مضيفًا أنه منذ بداية السينما وهي تحاول إثبات هويتها الفنية، وأعتقد أنها كسبت الرهان، مشيراً إلى أن الأثر الأساسي للفلسفة في السينما يكمن في قضية الوعي.
ضياء يوسف والأسطورة
واتجهت الكاتبة والمخرجة ضياء يوسف في حديثها عن الفلسفة والسينما نحو كيفية تكون الأسطورة؟ وأن الأسطورة لا تنشأ ولا تحيا إلا من خلال (الحاجة والطقس) والعلاقة بين الطقس والحاجة والعكس. وأن الإنسان خلق الأسطورة للتعامل مع مخاوفه ووضع لها طقوساً لتحيا، والفكرة الأكثر حساسية التي يؤكد عليها العمل هو أن للأساطير وإن كانت أساطير جذر قد يفاجئنا أن نعرف أنه حقيقي وحساس وربما صادم، وجذر تم دفنه بمهارة وسط الكلمات المنمقة والقدرات الخارقة. ولربما تم ترميزه عمداً ليتم تناقل حكمته بسلاسة.
وقالت ضياء: «هناك نوع من التراث ما زال يعيش وينبض بالحياة بيننا، هذه أسطورة شعبية تعيش بيننا، وفي وجداننا، لكنني لم أجد مرجعية مكتوبة عن وجودها اليوم، بينما سمعت الكثير والكثير من حكايا الجن ساكني الأشجار من مناطق مختلفة في المملكة، ولعلنا نفكر من هذا المنطلق في الأساطير الأخرى التي ما زلنا نتوارثها ويمكن أن تكون مادة تنبض بالحياة لفنوننا».
** **
@a_jarwan