نبدي إعجاباً كبيراً في أي حكومة تقوم بعزل أحد الوزراء أو يقوم هو بتقديم استقالته بسبب تقصير حدث في وزارته, والواقع أن ذلك قد لا يكون عادلاً بما فيه الكفاية, فأهم ما يجب علينا عمله هو تقييم نظام الرقابة الداخلي للوزارة, وتحديد المخاطر المحتملة لكل دورة مستندية, فدورة التوظيف تبدأ من شغر الوظيفة وتنتهي بمباشرة الموظف الذي تم اختياره لها, مروراً بجميع مراحل وإجراءات التوظيف, وكذلك دورة المشتريات تبدأ من ظهور الحاجة للشراء وتنتهي بدفع مستحقات الموردين مروراً بمراحل الترسية وتسليم البضاعة, ونفعل ذلك بكل الدورات المستندية داخل نظام الرقابة الداخلي, ثم نضع نظاماً لتطوير نظام الرقابة الداخلي بما يستجد من عوامل مؤثرة عليه، وبعد ذلك نحدد المسؤولين عن إعداد واعتماد النماذج المحددة بنظام الرقابة الداخلي ومستوى مسؤولية كل مسؤول, ولتوضيح المسألة سوف آخذ مثالاً على الرواتب, فالذي يوقع عليها أخصائي الرواتب ومحاسب المدفوعات والمدير المالي والمدير الإداري والرئيس التنفيذي, وهنا لو حدث خطأ في احتساب راتب موظف فتم إثبات مبلغ 21000 وراتبه 12000 حسب العقد وكان هذا الخطأ مستمراً منذ تعيين الموظف قبل 10 سنوات, وتم اكتشاف الخطأ فمن هو المسؤول عن ذلك؟ هل هما أخصائيا الرواتب ومحاسب المدفوعات؟ أم المدير المالي والمدير الإداري أم الرئيس التنفيذي؟, إن قلنا الرئيس التنفيذي فذلك ظلم, فهل هو مسؤول عن مطابقة الرواتب مع ما ورد بالعقود؟ بالطبع لا إذاً من المسؤول؟, لو طبقنا النظام المقترح سوف نقول إن مسؤولية أخصائي الرواتب ومحاسب المدفوعات هي سلامة وصحة جميع الرواتب وأن تكون مطابقة لعقود الموظفين، ومسؤولية المدير المالي والمدير الإداري هو أن رواتب كل إدارة بالمدى المقبول, ومسؤولية الرئيس التنفيذي هي معقولية إجمالي رواتب المنشأة، فإذا كان الخطأ قد جعل هناك اختلافاً كبيراً نسبياً عن الرواتب الإجمالية المعتادة فيكون الجميع مسؤولين عن الخطأ، وإذا كان الخطأ قد تسبب في ارتفاع الرواتب الإجمالية لإدارة معينة وكان الارتفاع كبيراً نسبياً ولم يحدث ارتفاع كبير بالرواتب الإجمالية للمنشأة فلا يكون الرئيس التنفيذي مسؤولاً وتكون المسؤولية على المدير المالي والمدير الإداري وأخصائي الرواتب ومحاسب المدفوعات, أما إذا كان الخطأ في راتب أحد الموظفين ولم ينتج عنه ارتفاع جوهري في رواتب إدارته فالمسؤولية تقع على عاتق أخصائي الواتب ومحاسب المدفوعات فقط، وهذا يدعونا إلى تحديد حدود مسؤولية أي موظف ومعنى توقيعه، وفي مثالنا السابق تكون حدود مسؤولية أخصائي الرواتب ومحاسب المدفوعات هي التأكد من سلامة وصحة جميع الرواتب في مسير الرواتب وأنها مطابقة مع ما ورد بعقود الموظفين، أما حدود مسؤولية المدير المالي والمدير الإداري هي التأكد من أن الرواتب الإجمالية لكل إدارة بالمدى المعقول، أما حدود مسؤولية الرئيس التنفيذي أن إجمالي رواتب المنشأة في المدى المقبول، وفي حال وجود نماذج يوقع عليها أحد الموظفين وليس عليه أي مسؤولية فالمناسب إزالة توقيعه من النموذج, ومن الملاحظ أن المسؤولية العظمى تقع على عاتق الموظفين بأسفل السلم وليس على المدراء في أعلى السلم وسبب ذلك أن دفع رواتب الموظفين من الأعمال التشغيلية, ولو أخذنا مثالاً آخر وهو تحديد رؤية ورسالة المنشأة وتحديد الأهداف الاستراتيجية لها وتحديد المؤشرات الاستراتيجية للأهداف, نجد أن منطقية ومناسبة الرؤيا والرسالة وتحديد الأهداف الاستراتيجية والمؤشرات الاستراتيجية تقع على عاتق الإدارة العليا وأي أخطاء فيها هم المسؤولون عنها, وتكون مسؤولية مدراء الإدارات هي أن المؤشرات الاستراتيجية من ناحية أنها من ضمن اختصاص عملهم ومن ناحية أخرى يمكن تحقيقها على أرض الواقع, ونجد هنا أن الموظفين في أسفل السلم غير مسؤولين عن أي جانب من جوانب الخطة الاستراتيجية, وتكون مسؤولية الإدارة العليا أيضاً هو التجاوب مع تغير الظروف التي تؤثر على تحقيق الأهداف الاستراتيجية وتوجب تعديلها بما يناسب تلك التغيرات, وفي حال ظهرت معلومات تستوجب تعديل الخطة الاستراتيجية ولم تتفاعل معها الإدارة العليا يتم تحميلهم المسؤولية الكاملة, ولكي نوضح المسألة نأخذ مثالاً الخطة الاستراتيجية للمبيعات فمناديب المبيعات مسؤولون عن تحقيق المبيعات المستهدفة وهو عمل تشغيلي ومشرفو المبيعات مسؤولون عن زيادة عدد العملاء بنسبة معينة حسب الخطة الاستراتيجية ومتابعة تحقيق المستهدفات مع المناديب والتأكد باستمرار أنهم يسيرون بالطريق الصحيح لتحقيق ذلك على أن لا يستهلك ذلك أكثر من 20% من وقتهم حيث يخصص 80% من وقتهم لجلب عملاء جدد ومدير المبيعات مسؤول عن متابعة تحقيق المبيعات المستهدفة وزيادة عدد العملاء المستهدف على أن لا يستهلك ذلك أكثر من 20% من وقته ويخصص 80% لتنفيذ الجانب الذي يخصه من الخطة الاستراتيجية والمتمثل في فتح أسوق جديدة وإنتاج منتجات جديدة بالمشاركة مع مدير الإنتاج والمدير المالي بقيادة الرئيس التنفيذي.
وبذلك تكون المسؤولية عن الأعمال الاستراتيجية من مهمة الإدارة العليا بجانبها الكبير والمسؤولية عن المهام التشغيلية من مهمة الموظفين في أسفل السلم.
وإذا وقع خطأ ما في وزارة ما ندرس حدود مسؤولية كل الأطراف وتحديد المقصر ومعاقبته وهنا قد لا يكون الوزير هو المسؤول، ولكي نحقق ذلك يجب أن نقيم نظام الرقابة الداخلية ونحدد معنى توقيع كل طرف في النماذج المستخدمة.