د.شريف بن محمد الأتربي
ينطلق بعد أيام قلائل -بإذن الله تعالى- العام الدراسي الجديد 1444- 1445هـ، وسينتظم أبناؤنا الطلبة على مقاعد الدراسة، مقبلين غير مدبرين لتحصيل العلم والمعرفة، واكتساب المهارات التي ستساعدهم على خوض تجربة الحياة بكل مفاهيمها المتعددة، لتحقيق أحلامهم في غد أفضل لهم ولمجتمعهم.
ومن أهم المسؤولين عن هذه العودة المعلمون أنفسهم، فكما جرت العادة تضع الدولة، والأسرة على عاتق المعلم مهمة من أسمى وأرقى المهام؛ وهي التعليم. فالدولة ممثلة في وزارة التعليم تضع السياسات الخاصة بالتعليم للدولة ككل ضمن خطط الدولة بشكل عام، ومن ثم تقوم إدارات التعليم في المناطق التعليمية بالإشراف على تنفيذ هذه السياسات في هذه المنطقة، ثم تنقل المسؤولية لتقع على عاتق مديري المدارس، والذين بدورهم يضعون ثقتهم في جلة من المعلمين والمعلمات الذين يتحملون مسؤولية نجاح هذه الخطط وتحقيق أهدافها المرجوة.
هذا على جانب المسؤولية نحو الدولة، وضرورة تحقيق أهدافها من التعليم، والسؤال هنا: ما هو دور المعلم والمعلمة لتحقيق هذه الأهداف؟ وهل هذه الأهداف هي الأهداف الوحيدة للمعلم؟
أولاً، نعلم جميعًا أن أهداف التعليم تنبع من أهداف الدولة نفسها، ومن ثم توضع الخطط التنفيذية لتحقيق هذه الأهداف، والتي تنتهي غالبًا عند دفتر تحضير المعلم والذي يتحول إلى أداء داخل الفصل يخضع إلى قدرة المعلم نفسه؛ حتى وإن كان هناك متابعة من الإشراف التربوي، ومن مدير المدرسة. لذا فإن توعية المعلمين بأهداف التعليم وحرص الجهات المشرفة على التأكد من استيعابهم لهذه الأهداف والتأكيد عليها بصفة دائمة، وقياس المخرجات التعليمية بصفة دورية من خلال سياسات القياس والتقويم تجعل تحقيق هذه الأهداف متوقعًا بنسبة كبيرة.
وأتذكر من ضمن معرض هذا الحديث حين جاء الخبراء الاستراليون إلى مدارس الرياض لدراسة وضع العملية التعليمية، وكان يرأس مجلس الإدارة آنذاك سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - حيث كان من ضمن توجيههم للمعلمين بضرورة تسجيل أهداف الدرس بصورة واضحة وثابتة أمام الطلبة ليتعرفوا على أسباب دراستهم لهذه الوحدة أو الدرس.
هذا على جانب أهداف التعليم بشكل عام، أما بالنسبة لأهداف المعلم نفسه فهذا سؤال شائك، حيث يرتبط بالمعلم نفسه، وهل يعتبر مهنة التعليم رسالة، أم مصدرًا للدخل؟
فالممتهن للتعليم كرسالة لديه من الأهداف التربوية والمعرفية والأخلاقية و... من الأهداف التي يسعد بتحقيقها مع أبنائه الطلاب، كما أنه يعمل على أن يجعل العملية التعليمية سهلة وميسرة، كأنها رحلة يستمتع بها الجميع وهو أولهم.
إن تحقيق أهداف التعليم ليس بالضروري أن يكون بالشدة والعنف والحزم والخصم؛ بل يجب أن يطغى عليه روح الأبوة والمحبة، ولقد حاولت مرارًا وتكرارًا أن أجد لائحة الثواب للطلبة المجتهدين فلم أجد إلا لائحة العقاب للطلبة المسيئين.
عزيزي المعلم، إننا كمجتمع نضع بين أيديكم أبناءنا، ينهلون من معارفكم، ويتعلمون من علمكم، ويتقمصون شخصياتكم في كثير من الأحيان، فرفقًا بهم من غير لين مضر، ولا عنف مخل.