الهوية هي مجموعة من الخصائص الاجتماعية والثقافية التي يتشاركها الأفراد والتي يمكن من خلالها التمييز بين المجموعات، وتعرف أيضاً أنها مجموعة من الانتماءات التي ينتمي إليها الفرد وتحدد سلوكه، وبطبيعة الحال تتأثر هوية الفرد بمجموعة من العوامل كالدين والعرق والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها من العوامل الخارجية الأخرى، والهوية قد تتغير وتتطور مع الزمن، فهي في الأصل قضية فلسفية ومنطقية وضعها العالم النمساوي سيغموند فرويد في علم النفس، حيث يرى أن الشخصية مكونة من ثلاثة أنظمة وهي: هو، أنا، والأنا الأعلى، وأن الشخصية هي محصلة التفاعل بين هذه الأنظمة الثلاثة، ثم طوّرها العالم الدنماركي إريك إريكسون الذي بيّن أنّ الهوية ليست فرديةً فحسب، بل هي قضية جماعية واجتماعية، تشمل الاختلافات والشعور بالانتماء بين الأشخاص والمجموعات.
بالعودة إلى ماهية الهوية فإن الفرد حين يستشعر قيمة هويته، فإنها تزيد من احترامه وفهمه لذاته، ومن المعلوم أيضاً أن للشعوب ثقافات متنوعة وحضارات مختلفة وهوية تكاد تكون محددة يتسم بها أفرادها، وتعتز بها وتنقلها عبر الأجيال لترسم صورة الزمان الذي عاشوا فيه وتبين ملامحه أمام صفحات التاريخ، وإن لهذه الشعوب عادات وتقاليد تحدد معالم هذه الهوية تورثها للأجيال وإن اختلف بعضها أو لم يعد ملائماً في وقتنا الحالي، ولكن يبقى بعضها راسخاً في تركيبة الأجيال مصارعاً رياح التغيير.
والمملكة العربية السعودية كغيرها من الدول التي تعتز بهويتها الوطنية، وصورتها النمطية والتي يعرف بها أفرادها من خلالها، فمن المعروف أن للهوية أنواعاً متعددة، وتفاصيل مختلفة، ويعتبر الزي الوطني السعودي (الثوب والشماغ) هي أحد أشكال الهوية التي يعرف بها المواطن السعودي، وقيادتنا أيدها الله حافظت على هذه الهوية، وأكدت على ضرورة الالتزام بارتداء الزي السعودي، لذا جاء الأمر السامي الكريم رقم 2912 في 16-1- 1440هـ الذي يؤكد على كافة المؤسسات التعليمية بالاهتمام بقيم التعليم وتعزيز الانتماء الوطني، والأمر السامي الكريم رقم 45995 بتاريخ 21-12-1424هـ الذي نصّ على إلزام المسؤولين بارتداء المشالح في المناسبات الرسمية، وخلال المقابلات التلفزيونية، كما أن عليهم التقيد به بكل دقة، وتكمن أهميته في المناسبات التي يكون المسؤول ممثلاً رسمياً للمملكة كما في المحافل الدولية، والتعميم الذي صدر من وزارة الداخلية رقم 22-101963 بتاريخ 19-12-1421هـ المتضمن التأكيد على الالتزام بالزي السعودي لمراجعة الدوائر الحكومية، والهدف من ذلك هو أن الجهات الحكومية لها حرمة يجب أن تصان، وتعويد الأجيال القادمة على ذلك الأمر والتربية عليه.
إن الالتزام في ارتداء الزي الوطني السعودي يجب أن يبدأ من المنزل حيث يكون دور الوالدين مهماً في توعية الأبناء وتثقيفهم في أهمية المحافظة على هويتنا وترسيخ هذا المفهوم في نفوسهم، فمراجعة الجهات الحكومية والأماكن الرسمية وحضور المناسبات الكبيرة والرسمية يجب أن تكون ذا طابع رسمي والتقيد بارتداء الزي الوطني.
وأيضاً يجب على الجهات الحكومية ضرورة التأكيد على منع دخول المراجعين إلا بارتداء الزي الوطني السعودي للسعوديين، ولغير السعوديين ارتداء الزي اللائق.
وللتعليم والمؤسسات التعليمية دور مهم في توعية الأجيال على أهمية المحافظة على هويتنا الوطنية والتي تمثل قيمنا وعاداتنا وغرس هذا المفهوم وتعزيز الانتماء في نفوسهم.
كذلك المناسبات الوطنية مثل اليوم الوطني ويوم التأسيس لها أثر إيجابي وفرصة كبيرة لتعزيز هذه الهوية من خلال لبس الزي الوطني السعودي.
أخيراً قد يرى البعض أن اللباس بشكل عام هو حرية شخصية، والبعض قد يستسهل التقيد أو الالتزام بارتداء الزي الوطني، ولكن يجب الإشارة إلى أن مفهومها أعمق بكثير وتأثيرها على المدى البعيد، وهي متعلقة بالانتماء والصورة الذهنية للوطن وأن هذا الوطن يحمل إرثاً تاريخياً وتقاليد يجب المحافظة عليها.
** **
@Nawaf_alshaikh