د.عبدالرحيم محمود جاموس
انتهت الزيارة الرسمية للرئيس الفلسطيني أبو مازن إلى ألمانيا، والتي اختتمت بمؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني، وقد جاء على لسان الرئيس/ أبو مازن في المؤتمر الصحفي مع المستشار الألماني في برلين.
(وصف إسرائيل بل هولوكست على الفلسطينيين، وأن إسرائيل قد ارتكبت منذ 1947م إلى اليوم) (ارتكبت أكثر من 50 مجزرة بحق الفلسطينيين).
وقبل ذلك انزعج المستشار عندما وصف الرئيس الفلسطيني الاحتلال الصهيوني بالأبارتهايد.
الآن وبعد ذلك تقوم وكالات الأنباء الألمانية بنقل ما قاله الرئيس الفلسطيني حرفياً، وتقف إلى جانب الصهاينة أي ترفض أن تصدق وترى الحقائق التي وردت على لسان الرئيس الفلسطيني والتي تصف ما جرى ويجري للفلسطينيين على يد العصابات الصهيونية وعلى يد كيانها العنصري الاستيطاني التوسعي من مجازر ومن سياسات التطهير العرقي التي فاقت في حدتها وآثارها (الهولوكوست) الألماني في حق اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية..
هذا تعبير عن سياسة وثقافة الكيل بمكيالين وانحراف البصر والبصيرة عن الحقائق لدى ألمانيا ودول الغرب عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني وممارساته العنصرية والإرهابية والإجرامية في حق الشعب الفلسطيني..
إن التكفير عن عقدة الذنب التي تعاني منها أوروبا عامة وألمانيا خاصة جراء ارتكابها لجرائم التطهير العرقي وبما فيها الهلوكوستا المرتكبة من قبل الدول والشعوب الأوروبية وخاصة الفاشية والنازية الألمانية.. لا تبيح لهم ولدولهم ونخبهم وإعلامهم غض الطرف عن الإرهاب والاحتلال والإجرام والعنصرية وسياسات التطهير العرقي التي يمارسها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، أثناء وبعد اغتصاب وطنه وبمساعدة القوى الاستعمارية والفاشية الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا الدولة التي كانت منتدبة على فلسطين والتي أخذت على عاتقها تنفيذ عملية اغتصاب فلسطين من قبل المهاجرين اليهود من أوروبا أولاً ومن باقي دول العالم ثانياً وإقامة الكيان الصهيوني الغاصب على إقليم فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني وفرض سياسات التمييز العنصري عليه.
إن استمرار سياسة الكيل بمكيالين إزاء مأساة الشعب الفلسطيني وما يرتكب في حقه منذ ما يزيد على خمسة وسبعين عاماً، يشجع كيان الاحتلال والفصل العنصري على الاستمرار في احتلاله واغتصابه للحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة للشعب الفلسطيني، وهذا سيؤدي إلى تأجيج الصراع في فلسطين المحتلة والمنطقة، ولن تكون أوروبا فيه بعيدة عن الشرر المتطاير منه، وليتذكر سيادة المستشار الألماني أحداث عقد الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ليتعظ ويصحح نظرته ليبصر الحقيقة كما هي في فلسطين المحتلة.
ليس من الأخلاق الإنسانية أن تعوض الضحية من قاتلها بجعلها قاتلة لضحية جديدة أخرى... كما يفعل اليوم الأوروبيون وخاصة الألمان، فعقدة الهولوكوست لدى ألمانيا والغرب، لا تبرر مطلقاً هذا الانحياز إلى الصهيونية ومشاريعها القائمة على سياسات الفصل العنصري والتطهير العرقي واستمرار الاحتلال والتوسع والاستيطان واستمرار إنكار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه وسلبه حريته وإرادته.
على العالم أجمع إن لم ينتصر للحق الفلسطيني وإن لم يستوعب حقيقة ما يقوم به الكيان الصهيوني منذ النشأة وإلى الآن من ممارسات إرهابية تفوق في حدتها وأثرها ما قامت به النازية والفاشية إزاء يهود أوروبا من هولوكوست وغيرها... فإنها تدفع المنطقة إلى دورات من العنف لن تتوقف ولن تجدي معها سياسات الكيل بمكيالين.
إن الانتصار لمبادئ حقوق الإنسان يجب أن لا يتجزأ فهو في أوروبا كما هو في الشرق الأوسط وفي فلسطين المحتلة خاصة.
إن سطوة الدعاية الصهيونية على قرار السلطات والنخب المتنفذة في أوروبا يظهر أن الحركة الصهيونية باتت ولازالت تتحكم في دولها وتفرض عليها غض النظر عن جرائمها في فلسطين.
ما عبر عنه الرئيس الفلسطيني في كلمته المقتضبة عن سياسات المجازر وسياسات التطهير العرقي الممارسة في حق فلسطين وشعبها يدركها ويراها ويرصدها كافة المنصفين والشرفاء في أوروبا وخارجها.
على ألمانيا خاصة وأوروبا والغرب بصفة عامة أن يحترم حقوق الإنسان في فلسطين كما يحترمها في أوروبا والغرب نفسه، وأن يقلع عن سياسة الكيل بمكيالين واعتبار الكيان الصهيوني المارق فوق القانون وفوق الشرعية الدولية، ولن يقبل هذا الموقف من ألمانيا أو من أي دولة غربية أخرى.. على الغرب أن يدرك أن العالم يتغير ويسير باتجاه نظام دولي جديد ستكون فيه سياسات الكيل بمكيالين من الماضي ومن مخلفات النظام الدولي الذي أفرزته الحرب العالمية الثانية.
هذا سيعطي فرصة للدول والشعوب الأوروبية خاصة أن تنعتق وتتحرر من هيمنة ونفوذ الصهيونية والماسونية العالمية المتحكمة في مواقفها ومصائرها.