أحمد المغلوث
الأسبوع الماضي شهدت قاعة فندق الأحساء الانتركونتننتال ورشة عمل تطوير قطاع النخيل والتمور بالأحساء, أقيمت تحت رعاية صاحب السمو محافظ الأحساء الأمير سعود بن طلال, لمعرفة كل ما من شأنه يساعد ويساهم في عملية تطوير هذا القطاع الإنتاجي الهام, خاصة وأن الورشة كانت تشتمل على العديد من أنواع التمور والمنتجات التحويلية التي ساهمت في التعريف بجوانب قد تكون مجهولة لبعض منتجي التمور في هذا القطاع الكبير, خاصة وأن الأحساء تعتبر عالمياً أكبر واحة للنخيل.
(وثمّن وقدّر سمو الأمير طلال من خلال مداخلة قوبلت بالاستحسان والإكبار الجهود الكبيرة التي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين في مجال دعم وتنمية هذا القطاع الحيوي, خاصة وأن لكل منطقة خصائصها, والأحساء تتميز بالعديد من المميزات الفريدة في صناعة التمور. وأشار سموه إلى اهتمام الدولة من خلال الجهات ذات العلاقة التي وفرت الدراسات والأبحاث اللازمة لتنمية القطاع. وأشار سموه إلى أهمية الدور الهام والحيوي الذي يقع على المستثمرين والمزارعين للاستفادة من هذه الخدمات وترجمتها إلى واقع بما يخدم مصالحهم).
والحق أن هذه الورشة باتت حديث من له اهتمام بهذا القطاع الكبير والواسع في أكبر واحة عالمية للنخيل كونها تشير إلى أهمية النخيل وتطويره. وكل تنمية وتطوير في مختلف المجالات بالوطن لاشك أنها امتداد لحرص القيادة الحكيمة على تنمية الوطن وفي مختلف المجالات. ومثل هذه الورشة التي رعاها سمو الأمير سعود تؤكد على تحقيق كل ما يساهم في تنمية وتطوير النخيل ليس في الأحساء فحسب وإنما في مختلف مناطق المملكة العزيزة, وكل ما تطورت العملية الإنتاجية للنخيل تموراً ومخلفات كانت الفائدة كبيرة للوطن والمواطن على السواء. وجميعنا خاصة الكبار منا يذكرون جيداً تلك البيوت «البرستيات» المصنوعة من جريد النخل وسعفه وليفه وحباله. بل نجد بعضها مازال موجوداً في بعض الدول حتى اليوم خاصة في القرى. أكثرها في البساتين ومزارع النخيل. وفي الأحساء والقطيف يتكاثر وجودها حيث يطيب للبعض مشاهدتها والاستمتاع بالجلوس داخلها في بستانه أو مزرعته. بل هناك من تخصص في تنفيذ هذه «البرستيات» بصورة دقيقة.. ومازلت أذكر حلال زيارة لمعالي الدكتور غازي القصيبي رحمه أيام كان وزيراً للصناعة أن عرض عليه أحد رجال الأعمال بعض من العينات الديكورية المصنوعة من مخلفات أشجار النخيل. وعبّر معاليه عن إعجابه وتقديره بهذه العينات.. وأنا شخصياً استفدت من خامة عمتنا النخلة ومنتجاتها من «السفر» والمانسف. وحتى الكر في الرسم عليها.
وأقمت على هامش الندوة الأولى للنخيل في جامعة الملك فيصل معرضاً متكاملاً رسمته على خامة «الخوص» ضم مجموعة من اللوحات. بل إن لوحاتي على هذه الخامة البيئية عرضت ضمن معرضٍ عالميٍّ بجامعة السربون وفي ميامي فلوريدا. وحظيت هذه التجربة الفريدة بتقدير الصحافة الفرنسية.. كذلك اقتنى متحف «الطيبات» بجدة. كامل معرضي الشخصي الذي أقمته بالمركز السعودي للفنون بجدة 81 لوحة قبل عقود من ضمنها مجموعة كبيرة من لوحاتي على خامة الخوص.
والنخلة هذه الشجرة المباركة محفزة للعطاء فكل ما فيها خير وبركة ومازلت أذكر وأنا صغير كيف كانتا جدتي ووالدتي رحمها الله تضعان بعضاً من الليف لسداد فوهة دلة القهوة الرسلان لمنع سقوط الهيل في الفنجان.. بل وكانت وسائد (المخدات) والمساند والتكيات لبعض الناس البسطاء محشوة بالليف. إضافة إلى استخدام بعض منه لإشعال نار المواقد.
وحتى اليوم تجد عشرات المنتجات الشعبية والتراثية من أعمال خوصية أبدعتها أنامل حرفيين وحرفيات تباع في الأسواق الشعبية بالأحساء وفي مناطق أخرى بالمملكة العامرة بالخير.. وماذا بعد مازالت جذوع النخيل تساهم في العمارة التراثية حتى اليوم. وأخيراً شكراً لمركز أبحاث النخيل بالأحساء على تنظيمه لهذه الورشة المفيدة..