أ.د.عثمان بن صالح العامر
من عرف سعادة رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك معرفة شخصية، أو قرأ سيرته الذاتية، أو تابع تحليلاته السياسية، أو اطلع على مقالاته الصحفية وكتبه المنشورة، أو حاوره واستمع لأحاديثه الخاصة والعامة، ومن ... ومن... سيجزم أنه شخصية متفائلة بامتياز، لامكان للسواد لديه، ومع ذلك جاء مقاله الأخير يوم الجمعة الماضية والذي عنونه بـ(العالم يغلي) خلاف ما ذكرت أعلاه، فهو فيه ينزع للتشاؤم من مستقبل سوداوي ينتظر البشرية قاطبة، وليس هذا النزوع -في نظري- خلاف ما اتسم به (أبو بشار)، وعرفته في شخصه الكريم، ولكنها النظرة الواقعية لما يدور من أحداث مفصلية في التاريخ الإنساني بين قوى عالمية تمتلك معدات الدمار الشامل وتتحكم فيها روح الغطرسة والانتقام دون اكتراث بما سيكون بعد . ولذا فقد وجه الأستاذ خالد حفظه الله في نهاية مقاله خطابه للعقلاء والحكماء مطالباً إياهم ( المعالجة الصحيحة والسريعة لما هو اليوم جاثماً على أرض الواقع لعل العالم أن يتعافى من أوجاعه، وإلا سنبقى بانتظار الحرب العالمية القادمة، التي - إن حدثت- فلن تبقي ولن تذر).
وأستأذن سعادته - وأنا ممن تتلمذ على يده صحفياً - في أن أبدأ هنا من حيث حذر منه وخوّف، إذ إن القارئ للمقال ينتهي به الحال إلى أن يطرح سؤالاً هاماً يتعلق به شخصياً ألا وهو: ترى ماذا عليّ أن أفعل وأنا أنتظر الأجل المحتوم والغد الدموي الشامل، فالأمر جلل، والخطب فظيع، والمستقبل مخيف؟.
ويمكن أن أجمل الإجابة على هذا السؤال في هذه النقاط:
- الارتباط الحقيقي بالله عز وجل، وحسن التوكل عليه، وتسليم الأمر له وحده، فالكون كله من قبل ومن بعد بيده، وهو سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً في هذا العالم قال له كن فيكون.
- الوعي بطبيعة المرحلة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وإدراك حجم التحديات التي تمر بها بلادنا المملكة العربية السعودية والعالم من حولنا في ظل هذه المعطيات الصعبة والتجاذبات الخطيرة.
- استقاء المعلومات وأخذ الأخبار من مصادرها الرسمية المعتمدة، دون غيرها، والحذر من الإعلام المضلل، أو محاولة عقد المقارنات بين ما يقال في إعلامنا الرسمي وما هو في القنوات الأخرى ووسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، فالذئاب الإلكترونية منتشرة هنا وهناك، وهم يريدون بنا الشر {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
- الثقة المطلقة بعد الثقة بالله عز وجل بقيادتنا الحكيمة في سياستها التي تتخذها داخلياً وخارجياً، وعدم الالتفات لما يقال حيال مواقفها التي قد تفرضها طبيعة المرحلة والموازنات المصلحية ،فهي وحدها من يدرك تحركات البوصلة السياسية لا أنت.
- صرف الاهتمام بما هو في دائرة الممكن، ويحقق لك أنت المصلحة الذاتية والمجتمعية، الشخصية والوطنية، وترك ماهو خارج دائرة التأثير الشخصي لمن في عنقك بيعة شرعية لهم، ولاة الأمر، ورجال السياسة والاقتصاد، وأصحاب الفكر الاستراتيجي المكلفون من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهم الله في الرصد والمتابعة والتحليل للواقع السياسي اليوم، واستشراف مستقبله، وأثر الأحداث الساخنة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، فهم يواصلون الليل بالنهار ويبذلون جهدهم ووقتهم من أجل أمنك واستقرارك أنت وأسرتك ومن تعول.
- الدعاء، الدعاء، الدعاء، لولي الأمر، قيادتنا العازمة الحازمة، ورجال السياسة والاقتصاد، والعلماء، وحماة الوطن، وصناع القرار، وكما قال الفضيل بن عياض رحمه الله، (لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام) يعني ولي الأمر والحاكم ومن ينيب.
حفظ الله لنا عقيدتنا، ووطننا، وقادتنا، وعلماءنا، وجنودنا البواسل، وشعبنا الوفي، وأدام عزنا، ووقانا شر المصائب والفتن، وسلمنا من حرب عالمية ثالثة، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.