سهوب بغدادي
في أيامنا المتسارعة التي تمر بلمح البصر بسبب الثورة الرقمية والعولمة ومعطيات كثيرة، نجد أن الزمان يمر دونما أدنى شعور منا وتمر الأيام فنتفاجأ بحلول عام جديد تلو عام، على سبيل الدعابة -التي تلامس الواقع- عجت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات مفادها أن عام 2023 تبقى عليه 4 أشهر وما زلنا نحاول استيعاب ما جرى لنا منذ عام 2019، فهل سرعة الزمن تغيَّرت؟ أم معطيات المكان تبدلت؟ أم كلاهما بالإضافة لأمور عديدة؟ لم تعد الحياة العادية طموح الكثيرين فالتقليعات تتوالى والموديلات لا تتوقف والمتطلبات تنهمر من كل حدب وصوب، حتمًا إن الجائحة العالمية المتمثلة بتفشي فيروس كورونا أثَّرت على الاقتصاد العام ونتج عنها خسارة الأفراد والمؤسسات أعمالهم، في الوقت الذي حوَّر البعض هذه الأزمة لبداية مشروع جديد بناءً على احتياج الجموع، مثلاً قام عددٌ كبيرٌ من الأشخاص ببدء مشروع بيع الكمامات في الوقت الذي واجه فيه العالم شحًا وندرة في الأمن المتعلِّق بالمستلزمات الطبية الوقائية، فضلاً عن المواد المعقمة وما إلى ذلك، إلا أن هذه المشاريع غير مستدامة فأين ذهبت الآن تلك الكمامات اللافتة وعبوات المعقمات والمطهرات؟ فالسوق يتطلب المواكبة وهذا الأمر في حد ذاته مرهق وغير مستقر، إذ يحث أهل التجارة التقليدية والتجارة الإلكترونية على الدوام الشباب على بدء مشاريع أحلامهم وخوض التجربة، بل قام البعض بالهجوم على الباحثين عن العمل ووصفهم بالكسل وقلة «الدبرة»، فالتجارة ليست حبل النجاة والخلاص، إن الوجه المظلم للعمل الحر لن يعيه مطلقًا من لم يدخل هذا النطاق، وفقًا لسيدة أعمال تمتلك مطعم فطور شهيراً وناجحاً، إنها تواجه صعوبات كثيرة أولها في قلة توفر الأيدي العاملة، وفي حال توفرها كيفية الحفاظ عليها في المنظومة ككل، حيث يستهلك تدريب اليد العاملة الوقت والجهد والموارد المادية، في ذات الوقت الذي يصعب فيه استقطابها من دول معينة بحسب وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وقائمة التحديات تمتد وتطول، إن أبسط تحد قد يواجه صاحب العمل هو المنافسة والتقليد، بل «الاستقعاد» من قبل شخص لا يريد بذل مجهود بسيط للتفكير في فكرة مشروع فريد ومفيد، فيلجأ إلى اقتناص أية فكرة ناجحة موجودة في السوق من ثم افتتاح مشروعه في ذات الحي والأسوأ من ذلك من يختار المحل المجاور لذلك المشروع! إنها ليست دعوة لعدم المحاولة أو دخول السوق، أو محاولة لزخفة الوظيفة الاعتيادية والعمل التقليدي، الأهم من كل ما سبق هو معرفة كل شيء قبل الدخول في مجال بمجرد رؤية أو سماع نتاج التجربة، فخلف ذلك النجاح والغنى والثروة المغرية عددٌ من السقطات والإخفاق، وربما بيئة مواتية قليلة التبعات في حال الفشل، في هذا السياق، ألفت الانتباه لما يقدّمه بنك التنمية الاجتماعية في المملكة من دعم للشباب والشابات في مجالات كثيرة منها تكاليف الزواج والمشاريع للأسر المنتجة وغيرها، لذا أحثكم على البحث في مجالات الدعم المقدمة من البنك، وغيرها من الخيارات التي تخص المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة، أتمنى لكم حياة مفعمة بالبساطة والرخاء.