عبده الأسمري
ما بين ثنايا الخير وعطايا الإحسان ومن أعماق الرحمة إلى آفاق المهمة مضى «فارساً» يقطف ثمار «الرجولة» في ميادين «النماء» ويوظف استثمار «البطولة «وسط مضامين «الانتماء»..
كتب جملته الاسمية من مبتدأ مرفوع بالضياء وخبر مشفوع بالإمضاء وكان «الضمير» المتصل للسخاء في «جولات» المعروف و»المحسن» المؤصل للعطاء في «صولات» الظروف..
إنه محافظ الخرج السابق صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالعزيز رحمه الله أحد أبرز أمراء الجيل الثاني من الأسرة الحاكمة ورجال الدولة الحكماء والنبلاء والفضلاء في متون العلم والعمل.
بوجه أميري تسكنه سمات «اللين» وتعلوه صفات «اللطف» وملامح أميرية تتشابه مع والده وتتقاطع مع أخواله «آل الرشيد» وعينان تسطعان بالحنكة وتنبعان بالحكمة وتقاسيم ودودة تعلو منها إمضاءات «الكفاح» وتتجلى وسطها إضاءات «الصلاح» ومحيا عامر بالهيبة يعتمر الأزياء الأنيقة والبشوت الملونة وشخصية قيادية خليطة بين الإنسانية والمهنية تتحد فيها أقوال «التطوير» وتنبع خلالها «أفعال التدبير» وتصدر منها اتجاهات «الفروسية» وموجهات «الفراسة» وكاريزما تتعالى فيها مواقف «الخبرة والدراية والشور» وترتقي منها وقفات «الشهامة» و»المروءة» و»الأصالة» قضى الأمير عبدالرحمن من حياته عقوداً وهو شاهد عيان وصاحب قرار وكبير قوم وعالي همة ورفيع شأن ورجل مرحلة في نهضة البلاد وتطور الوطن وتنمية الإنسان والمكان في مناصب حكومية ومنصات إنسانية ومواطن خيرية ملأها بالإنجاز أميراً وقيادياً ومسؤولاً وإنساناً وأباً وراعياً وأميناً ومؤتمنا أبقى أثره في «ريادة» التميز وترك مآثره في شهادة «الخلائق»..
في الرياض ولد الأمير الراحل عام 1947 وكان ترتيبه الحادي عشر بين أخوة كانوا يمثلون «عقد» أبناء الأمير ناصر المضي في كنز «الأسرة» المالكة وتربي في كنف والد «كريم حكيم» علمه «ماهية» المكارم سراً وعلانية وأم «متفانية» ملأت قلبه بعطايا العطف والحنان.
رافق أباه صغيراً يراقب «فصول» الإمارة في خطابات والده ويرتقب «أصول» الجدارة في واجبات أسرته وظل ينهل من «معين» الوجاهة في حضرة أعمامه الملوك و»خزائن» التوجيه في حضور أقاربه الأمراء..
ارتهن طفلاً إلى موجبات «العلا» وعزائم «القيم» في تربية أصيلة نبيلة ملأت ذهنه باكراً بحقائق «التاريخ» وربطت عقله مبكرا بوثائق «المجد» فظل يملأ «مساء» عائلته بأسئلة باكرة شكلت «تنبؤات» أولى عن قدومه كمشروع «أميري» فاخر كان حديث أسرته وحدث عشيرته..
ركض مع أقرانه وأخوته وأقاربه بين قصور الحكم يرصد «التراث» الوطني ويتشرب «الإرث» الأسري مشفوعاً بنبوغ باكر جعله وجهاً «مباركاً» يزين «مجالس» القرار بالشور السديد ويعطر «مواقع» الرأي بالنفع المديد..
انجذب في طفولته إلى «ملاحم» الأمجاد في مسيرة أجداده والتي ظل ينشد «تفاصيلها» من والديه حتى برع في توثيق «الأحداث» ممتلكا «ذاكرة» بشرية و»خزينة» معرفية استمرت «مرجعاً» وطنياً يستند إليه و»منبعاً» فكرياً يعتمد عليه فكان «الابن» البار للوطن و»السليل» السار للأسرة..
أنصت طفلاً إلى صوت «المعرفة» وأنجذب صغيراً إلى صدى «الثقافة» فظل مقيماً في مسارات «العلم» حيث درس القرآن الكريم والعلوم الدينية والتربوية والمتخصصة وتلقى «مناهج» فاخرة من المعارف وارتقى إلى منصات زاخرة من المشارف قطف «ثمارها» في شبابه حتى نال «ثقة» الملوك وحصد «تكليف» القادة.
تعين الأمير عبدالرحمن محافظاً للدرعية «عاصمة» الدولة السعودية الأولى وكان فيها «عقل» التحول لتطور «تاريخي» ملأ «جنبات» الابتكار وأبهج «منصات» الاقتدار.. وحول المحافظة العريقة إلى «منظومة» مكانية تحاكي العالم بأصالة «المجد» وأمجاد «الأصالة».
تنبأت القيادة الرشيدة بما يحمله «الأمير» من فكر عميق وذكر حقيق فنقلته إلى موقع وطني جديد حيث تم تعيينه عام 2001 محافظا للخرج «المحافظة» الحالمة وبوابة العاصمة وفي غضون سنوات تحولت في عصمة المحافظ الخبير إلى «كيان» وطني يسابق عقارب «الزمن» بحضارة جعلتها «أنموذجاً» في التنمية المستدامة وانغمست مدنها المتناثرة في ربوع «نجد» وسط نعيم «التطور» حتى تجاوزت بمقوماتها التنموية والحضارية والخدمية مستوى التوقعات بمحتوى الواقع ونتاج الحقيقة..
ورث الأمير عبد الرحمن عن أبيه محبة «البذل» ونيل «الحسنى» وتوجيه بوصلة الاهتمام بالمواطنين حيث كان أخاً للكبير وأبا للصغير.. اشتهر بالتواضع فكان يسير في «الظلمات» ليضيء «مسارب» المتاعب في شؤون رعيته ويزيل «عوائق» المصاعب في قرى محافظته..
ولأنه مسكون بالهم الوطني عاشق للتراث فقد اهتم بالمباني والمواقع القديمة وطورها ووضع لها الخطط وسخر لها الإمكانات لتبقى «شاهدة» على الوقائع و»صامدة» أمام الزمن».
انتقل الأمير عبدالرحمن بن ناصر إلى رحمة الله يوم الأربعاء 28 ذو الحجة 1443هـ الموافق 27 يوليو 2022 ووري جثمانه في ثرى مقبرة العود.
بكته «الأعين» ونعته «القلوب» وودعته «الأنفس» وخلفته «دعوات» ظاهرة وابتهالات» باطنة بالرحمة والغفران.. وامتلأت عناوين «العزاء وتفاصيل «النعي» بمآثر الفقيد وعبرات «الفقد» واعتبارات «الرحيل».
الأمير عبدالرحمن بن ناصر أمير المكارم وخبير التطوير.. القيادي القدير صاحب الأيادي البيضاء والمسيرة العصماء المكللة بالفضل والمجللة بالنبل في قوائم «الأثر» ومقامات «التأثير».