عمر إبراهيم الرشيد
كنت قد كتبت هنا مراراً عن القراءة والكتاب الورقي تحديداً، وعن تمسك الغربيين بعادة القراءة للأطفال قبل النوم، من قصص تلائم خيالهم الخصب. وأعيد القول إن كثيراً من مشاهير هوليوود ومنهم الممثل توم كروز مثلاً، الذي قال إنه متمسك بهذه العادة ألا وهي القراءة لأولاده قبل النوم، على الرغم من شهرته العابرة للحدود وعالمه الصاخب مما يحدو بنا لاستبعاد اهتمامه بالقراءة لأطفاله قبل النوم، فعجباً لهذه المعادلة.
إنما هاكم تجربة شخصية عشتها مع أبنائي الصغار، فقد اشتريت لهم عدداً من الكتب وقصص الأطفال تحديداً، لتشجيعهم على عادة القراءة، وقمت بالقراءة لهم قبل النوم، إلا أني تفاجأت بطلبهم بعد فترة وجيزة بأن أقص أنا عليهم قصصاً وحكايات. ولتشجيعهم والمحافظة على خيال الطفولة وإبعادهم عن الأجهزة اللوحية استجبت لطلبهم. بدأت في استحضار قصص المكتبة الخضراء التي كنا نقرأها زمن طفولتنا مع اختصارها قدر الإمكان، ولكم تفاجأت باندماجهم ونظرات الترقب أو الخوف أو الفرح وتعابير البهجة على وجوههم، وذلك حسب المشهد المحكي. واندهاشي أنا من ترقبهم بل لا أبالغ إن قلت من توسلهم لسماع قصة حين لا أكون في مزاج يسمح لي بذلك، وقد ظننت أن الثورة الرقمية وأجهزتها اللوحية قد سرقت منهم هذا الولع بسماع حكايات ما قبل النوم. كما أن الفائدة امتدت لي بأن طورت قدرتي السردية بل لم أتوقع مقدرتي على فبركة حكايات من نسج خيالي، تدور حول القيم الأخلاقية مما تراكم من خلال قراءاتي الأدبية. ولا ننسى الأثر الوجداني والعاطفي لهذه الجلسة الليلية، وبالطبع لا أقصد ضرورة الالتزام بها كل ليلة فهذا مطلب مثالي وغير واقعي، ولكنها ممارسة تربوية وتعليمية للطفل يجدر بالآباء والأمهات الحرص عليها كلما واتت الظروف، لأن الأثر الإيجابي دائري مفيد للأبناء والوالدين على السواء.. جربوا هذه العادة واقرأوا واحكوا لأطفالكم قصصاً مهما كانت قصيرة وبسيطة كلما سنحت لكم الفرصة ولن تندموا، إلى اللقاء.