عثمان بن حمد أباالخيل
الإنسان مُعرّض لزلة اللسان أثناء حديثه مع الآخرين وزلة اللسان تختلف من إنسان إلى آخر. وردت زلة اللسان في المعجم فَلْتَةُ لِسانٍ، زَلْقَةٌ، سَقْطَةٌ ما لَمْ يَكُنْ يُقْصَدُ التَّلَفُّظَ به. ما هي زلة اللسان: كلمات يقولها الإنسان بقصد أو بدون قصد لكنها في الواقع هي تعبر عمَّا ما يدور بداخله، ربما هذه الزلة لا يستطيع البوح بها لكنه خلال حديثه تخرج منه عفوية لا يريدها أنْ تخرج فيقول زلة لسان. لكنْ هناك من يقصد زلّة اللسان وذلك للإساءة إلى الآخرين وينتظر ردّة الفعل يقال: إن زلة القدم أسلم من زلة اللسان. هذا القول صحيح زلة القدم تعالج أما زلة اللسان فتبقى طول الدهر منسوبة لصاحبها.
إن رسوخ جبل عَسِيب (شهرته جاءت بسبب علاقته مع الشاعر امرئ القيس) إلى ما يشاء الله توازي زلة اللسان المتعمدة تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل وربما تتحول إلى مثل أو نموذج يضرب به لبشاعة زلة اللسان. هناك من يتحمّل زلة اللسان حين يسمعها ويبحث عن أعذارٍ وفي المقابل هناك من لا يتحمّلها ويشعر بها كالسيف على رقبته ويختفي إلى الأبد. إن حفظ اللسان والسكوت وعدم ترك اللسان يتفوه بألفاظ وعبارات غير مقبولة مطلب ينشده من ذاق لوعة ومرارة زلة اللسان. أما في الإسلام فهناك الآيات القرآنية والأحاديث التي تحثنا على حفظ اللسان حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله أي الإسلام أفضل قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته أهانك هذا المثل الرائع المُتناقل عبر السنين يدل على أن العقل يجب أنْ يسبق اللسان كذلك التقارب بين الحصان واللسان فالفارس هو الذي يتحكم بالحصان ويضعه في الاتجاه الصحيح. لا أحد يستطيع أن يفرض عليك ما تقوله فلسانك حال موقفك وهو يترجم وينطق بما يدور في داخلك. وزلة اللسان ممكن أنْ تُفرق بين الناس وتخلق الحزازات والعداوات فصن لسانك ولا تعوده على الكلام في الناس في حضورهم وغيابهم. على مر التاريخ القديم والحديث هناك زلات لسان لا يزال الناس يذكرونها ويرددونها لكنهم يقعون في المحظور حين يكررونها عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مرتين). أكيد أيها الأعزاء القراء والقارئات تتذكرون من وقع في فخ زلة اللسان أو من أُوقع به، مجتمعنا كأي مجتمع في هذا العالم لا يخلو من زلات اللسان العفوية والمقصودة التي ترمي للفرقة والتباعد. عموماً علينا أنْ نناصح من زل لسانه بدون قصد وننبهه أما من زل بقصد فنذكره بالحديث عن أبي هريرة عن النبي قال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب»، وأخرجه الترمذي ولفظه: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار».
أخيراً زلة اللسان تبقى مع الإنسان بقاء جبل عسيب ولا بد أن يدرك الإنسان أن زلة اللسان لها مساوئ كثيرة لا تحصى ولا تعد وكم من إنسان ندم طوال عمره على زلة لسان وأبعدته عمّن يحب ويحترم ويقدر
(وجرح السيف تدمله فيبرا
ويبقي الدهر ما جرح اللسان).