حمّاد بن حامد السالمي
* لاقى مقال الأحد الفارط هنا بعنوان: (طائف الفن والأدب.. ماذا بقي)..؟ (https://www.al-jazirah.com/2022/20220814/ar2.htm)؛ لاقى ردود فعل جيدة على كافة المستويات التي تتابع وتكتب على التويتر والفيسبوك؛ وحتى الواتس أب. وخاصة من أولئك الذين عاشوا مرحلة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الهجري الفارط، وخبروا الطائف بما كان عليه من طرب وأدب وأماسي فنية ودور سينما.. كان نشاطًا أهليًّا قائمًا على أبناء الطائف دون دعم أو تدخل من أي جهة. ومن بين ما كتب من مداخلات وتعليقات؛ اخترت لكم ثلاثة تعليقات:
الأول هو للصديق الأستاذ: (عبد الله بن بليهد.. أبو منذر)، الذي قال:
* أتفق معك تمامًا في كل ما أوردته عن مدينة الطائف الجميلة مناخًا ومجتمعًا وثقافة وتاريخًا في مقالك الضافي؛ الذي أسقطت الضوء فيه على هاجس الكثير ممن يعرف مدينة الطائف وأهلها. لا شك أن تلك المدينة الحالمة؛ بتضاريسها وشموخها ومكانتها في قلوب السعوديين كافة- وبالأخص الأجيال التي شهدت تميز الطائف- لم تستوفِ حقها بعد، ولعل نصيبها من العناية الشاملة قادم إن شاء الله، فرؤية المملكة 20/ 30؛ مازالت تمطر على البلاد سحًّا غدقًا، من تباشير التطور والازدهار، فمن المؤكد أن سمو ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان)؛ يعي ويدرك ما لتلك البقعة من الأهمية في الماضي والحاضر والمستقبل، إذ كانت الطائف مصيفًا لا ينافَس للأسرة المالكة ملوكًا وأمراءً وحاشيةً، كذلك كانت منتجعًا لكل مقتدر، ولعل في الانفتاح على العالم ومصائفه وسهولة الوصول إليها؛ ظلم غير مقصود لتلك العروسة الباهية الجمال.
* أستاذي: كنتُ طفلًا في الثامنة من عمري؛ وكنتُ في قريتي الصغيرة- هي مدينة الآن- مدينة) فيد) التاريخية؛ التي تبعد عن حائل مائة كيلو متر جهة القصيم؛ أقول: كنا نحفظ ونردد :(دوجٍ حَمر والرفارف سود.. بستان جبرة مداهيله). وبصرف النظر عن مناسبة تلك الكسرة الجميلة..! إلا أن انتشارها كان بوصلة تشير إلى الطائف وجمالها، وهي أيضًا أيقونة فرضت تصورًا للطائف وجماله في أذهان ووجدان الكثيرين. في طفولتي المبكرة؛ وأنا في قريتي؛ كنت قد طعمتُ مرارًا من عسل ورمان وعنب الطائف، حيث كان يرسله كهدية لوالدتي الشيخ المرحوم: (حمود بن إبراهيم الشويعر)، والذي كان من سكان الطائف ومكة؛ وكانت بينه وبين والدتي رحمها الله؛ صلة قرابة ورحم- أمه خالة أمي تمامًا- رحمهم الله، من هنا.. فثمار الطائف ونسائمها؛ كانت تصل الجميع عبر وسائل مختلفة؛ محملة بشهرة الطائف، وبنكهتها الاستثنائية.
* أما التعليق الثاني؛ فهو للصديق الفيسبوكي النشط: (جمال علي سعيد باميلح.. مهندس تخطيط المدن..
دبلوماسي سابق كنائب الممثل الدائم للمملكة العربية السعودية لدى مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UNCHS نيروبي - كينيا)، الذي استهل كلامه بهذا الشعر البديع:
يانجم فالطايف تلامع شررها
مالي على مرقاب عاليك ميصال
لا تاصف الطايف لعارف خبرها
من شرقها للغرب وديان وجبال
* ثم يقول: أخي.. أبا أكرم.. أضيف بيت الشاعر الكبير (عمر أبو ريشه) رحمه الله حيث قال:
يانجمة في سماء الليل لامعة
آنًا تشع؛ ويخبو ضوؤها آنا
* أرى أن تساؤلك في محله؛ وأنت أعرف مني بحال الطائف وجمال طبيعتها مطلع الثمانينيات الهجرية، حيث كانت الطائف مصيفًا جاذبًا للسياح من مختلف المناطق، على النقيض مما هي عليه حاليًّا كمدينة طاردة لاستقطاب السياح، للازدحام، وغلاء السكن، وأحسب أن هذه من بين جملة الأمور التي ستحتل أولوية لدى الهيئة المعنية بتطوير مدينة الطائف- وفقها الله- فلا جدوى من ذكر أبيات الشعر من العصر الجاهلي عن بساتين وادي وج، وتسميتها، ولا من تكرار التاريخ أمام طلب حل إشكالية كأداء معاصرة، فقد سئمنا ذلك التكرار الأكاديمي، لأجدني كأحد أبنائها الأوفياء المخلصين؛ متأثرًا ببقاء نمط تخطيط الشوارع على وضع التخطيط القديم دون توسعة، فيما عدا تغيير اتجاه مسار شارع شبرا، وهدم منطقة ما بعد فندق العزيزية، دون توفير مواقف للسيارات، فأي جدوى لإزالة حي السليمانية كمساحة كبيرة لم تستغل طيلة ثلاثة عقود من الزمن، ولم تستغل كمباني تسوق ومواقف للسيارات، تخدم مسجد ابن عباس ومنطقة السوق..؟! والحال يسري على مساحة أرض مستشفى الملك فيصل وعمارة السبيعي كذلك.
* نعم أبا أكرم سلمكم الله كمتخصص؛ فأنت بشوق إلى منتديات الأدباء والندوات الثقافية التي كان الطائف يزخر بها، أما أنا؛ فأهيم بخواطر أديبنا الزيدان المجنحة رحمه الله، لأني أرى أن جميع المدن تعاني من التمدد الأفقي واتساع النطاق العمراني، مما أدى الى تزايد الاعتماد على وسائل النقل، وازدحام السيارات، بما فيها مدينة الرياض العاصمة، وكذلك مدينة دبي، وما تبنيها للقطار، إلا أحد تلك الحلول، وأعتقد أن الوضع بالنسبة للطائف؛ يحدونا إلى استخدام نظام سالك.. أي تبني ضريبة المرور في شوارع محددة في أوقات معينة، مع إيجاد مساحات لمواقف السيارات، وذلك للحد من استخدام السيارات إلا للضرورة الملحة، فكل من الطرق المؤدية للهدا والشفا؛ تعتبر من أفضل التصاميم، إلا أن السعة الاستيعابية تتضاءل إزاء أعداد السيارات الكبيرة، لتصل إلى التوقف التام في بعض الأوقات في عطلة نهاية الأسبوع على سبيل المثال..! ولعل ما أوردته هنا؛ يلقي الضوء على البعض من النقاط الجديرة بالأخذ والاعتبار من الجهات ذات العلاقة. وتقبلوا تحياتي سلمكم الله.
* ونختم بما شاركت به كاتبة من أبرز الكاتبات على الفيس بوك، ومسؤولة النشر لصفحة (عُشّاق الطائف) الكاتبة: (Haifo Al)، كتبت تقول: إن شعر الطائف منذ ظهورها؛ قدمها كما ينبغي، وأبرز جمالها ومحاسنها. وتضيف: أنها طالما توقفت كثيرًا عند نصوص رائعة في معجم: (الشوق الطائف حول قطر الطائف) لمؤلفه كاتب هذا المقال، ومنها هذا النص المحلق للشاعر السوري: (أحمد صدوق صافي)، الذي قال للطائف وفي الطائف:
خذني إليها هائم قلبي بها
الدرة..المجلوة ..الحسناء
خذني إليها لو أقيم بقربها
عمري.. فعمري قربها أفياء
حدّث حديث الطيب عن جناتها
جناتها من سندس خضراء
حدّث حديث العز عن عمرانها
عمرانها والراسيات سواء
طاف الربيع على الربى وارتاح في
أجفان صبّ (طائف) غناء
وتبارك العنب الجني إذا ما عطرت
بالذكر من أثر الرسول دماء
لما دعا.. رُكِّزت على خطواته
طول الزمان مشاعل وضياء