تنازل المرأة عن الميراث لابنها دون بناتها بسبب نفقته عليها
رجل توفي عن زوجةٍ وابنٍ وثلاثٍ من البنات، وعند توزيع الميراث تنازلت الزوجة عن نصيبها لابنها؛ بحجة أن ابنها كان ينفق عليها فترة طويلة، فهل يجوز لها ذلك؟
- هذه الزوجة التي هي بالنسبة للابن والبنات أمٌّ يجب عليها أن تعدل بين ابنها وبناتها، وأن تسوِّي بينهم، وإذا كان هذا الولد قد أنفق على أمه بنية الرجوع، فله أن يرجع على أمه بقدر ما أنفق عليها، وأما إذا أنفق عليها بغير هذه النية؛ تبررًا وتطوعًا وبرًّا بأمه، فله أجره عند الله - جل وعلا -، ولا يُصرف له شيء، ولا تتنازل الأم عن شيء إلا إذا رضين - أعني أخواته الثلاث -، فإذا رضين فالأمر لا يعدوهنَّ، فإذا استسمحتْهنَّ الأم، وبيَّنتْ لهنَّ السبب، وتنازلنَ عن ذلك بطيب أنفس منهنَّ، فلا مانع من ذلك حينئذٍ، والله المستعان.
* * *
مطالبة الزوجة لزوجها بالانتقال إلى بيت أكبر مع قلة عدد الأسرة
* بيتنا يكفينا - ولله الحمد -، وليس لديّ إلا زوجتي وابنٌ صغير، لكن زوجتي تطالبني وتلح عليَّ دائمًا بالانتقال إلى بيت أكبر وأكثر رفاهية، بالرغم من أن دخلي محدود، لقد أزعجني هذا الأمر كثيرًا، فما نصيحتكم لي؟
- إذا كان بيتك يكفيك ويكفي أسرتك معك، والأسرة - كما تقول - مكوَّنة من زوجة وابن صغير فالخروج إلى بيت أكبر من هذا زيادةٌ في الترف، لا سيما إذا كان يترتب عليه التزامات مالية وديون ودخلك محدود - كما تقول -، فلا يجوز لزوجتك أن تطالبك بما يشق عليك، ولو تأملَتْ في الواقع لكان تكليفك من قبلها بهذا المطلب ضرر عليها وعلى ولدها، ولو اقتنعتْ بهذا البيت الكافي وحمدتِ الله - جل وعلا - على هذه النعمة، وتذكرتْ أن كثيرًا من المسلمين لا يملكون ما يؤويهم ويقيهم من حرِّ الشمس وشدة البرد، لحمدتِ الله - جل وعلا - على هذه النعمة وشكرتْه، واقتنعتْ، وجاء في الحديث الصحيح الأمر بأن ننظر إلى مَن دوننا في أمور الدنيا؛ لأن ذلك أجدر ألَّا نزدري نعمة الله علينا [مسلم:2963]، فهذا يرده العقل والنقل، وكونها تطلب وتُكلِّفك ما يشق عليك، بحيث تُكلِّف وتُحمِّل نفسك ديونًا أنت في غنىً عنها، فمردود ذلك سلبي عليك وعلى زوجتك وطفلك، فعليها أن تراجع نفسها، والله أعلم.
* * *
عدم الإنكار على من يدعون ويستغيثون عند قبور الصحابة -رضي الله عنهم -
* عندما أزور قبور الصحابة - رضي الله عنهم - أجد عندها مَن يدعون ويستغيثون، ويتقطَّع قلبي حسرة، ولكني لا أستطيع فعل أي شيء، فهل آثم على سكوتي؟ وما هو واجبنا تجاه حماية التوحيد؟
- نعم، القبور مظنة لوجود مثل هذه البدع كما هو مشاهَد في كثير من أقطار المسلمين، وقد يوجَد في بلاد الحرمين وفي غيرها مما يقرب منها، لكنه بقلة، لكن إذا وُجد فعلى من يرى هذه المنكرات أن ينكرها بلسانه بالرفق واللين والكلمة الطيبة والقول الحسن، ولا يُشدِّد ويُشنِّع؛ لأن المسألة مسألة طلب هداية، وطلب قبول، وطلب إزالة منكر، فكونه يزول بالرفق واللين - وهذا مجرَّب - هو المطلوب، وأما إذا استُعمل الشدة والعنف فإن هذا المبتدع قد يعاند، وقد يتعدى ذلك إلى الضرر بالمنكِر، وعلى كل حال إذا أمكن ذلك بالرفق واللين تعيَّن، وإذا خشي الإنسان على نفسه فإنه ينكر بقلبه، ولا يأثم في هذه الحالة، ولاشك أن حماية جناب التوحيد متعيِّنة، وإنكار الشرك واجب ومتعيِّن، وهو أعظم المنكرات، وإنكاره يكون على ما جاء في حديث «مَن رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [مسلم: 49]، والله المستعان.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-