د.شريف بن محمد الأتربي
مع بداية سينما الثمانينات من القرن الماضي بدأ الترويج لفكرة الهجوم على كوكب الأرض من قبل كائنات فضائية تريد القضاء على الإنسان واحتلال الكوكب ومن ثم يقوم الإنسان بمواجهتها بما لديه من أسلحة حتى يستطيع الانتصار عليها، ومن ثم تعددت فكرة الهجوم على كوكب الأرض من قبل كائنات أخرى موجودة على نفس الكوكب مثل القردة، بل ووصل الأمر إلى الهجوم من قبل الأشجار، وأيضاً من قبل الروبوتات التي يصنعها الإنسان نفسه ويغذيها من ذكائه حتى فاق ذكاؤها ذكاءه.
وقبل عدة أسابيع؛ وفي حادثة ربما تعد الأولى من نوعها والتي يعلن عنها كونها حدثت على الملأ، اعتدى أحد الروبوتات على لاعب شطرنج أثناء مباراة بينهما في موسكو، وجاء الخبر كما يلي: «أمسك روبوت بإصبع طفل يبلغ من العمر 7 سنوات وكسره بشكل مفاجئ أثناء مباراة للشطرنج في موسكو».
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد كان الروبوت ينافس الطفل، الذي يدعى كريستوفر في المباراة التي أُقيمت ضمن بطولة موسكو المفتوحة للشطرنج، وأثناء قيام كريستوفر بتحريك إحدى قطع اللعبة، فوجئ بالروبوت يمسك بإصبعه ويضغط عليه لعدة ثوان ليتسبب في كسره، قبل أن يتدخل عدد من منظمي البطولة لتحرير يد الطفل من قبضة الروبوت.
وخلال الفترة الماضية أيضاً بدأ مصطلح (المليار الذهبي) في التداول على كافة الأوساط الإعلامية، وتناوله العديد من الأفراد بالشرح والتعليق، وتم ربط المصطلح بالحرب الدائرة بين كل من روسيا وأوكرانيا.
ومصطلح المليار الذهبي ليس من المصطلحات الجديدة، ولكنه شحيح التناول، حيث تقوم نظرية المليار الذهبي على تقسيم سكان العالم لدرجتين: درجة أولى وهم الذين يملكون الأموال ويستحقون مصيراً أفضل، والدرجة الثانية وهم المستهلكون، وهؤلاء لا يسمح لهم بالتطور ولا التقدم، وإنما يتم استغلالهم لصالح الفئة الأولى.
والنظرية تقوم في مجملها على أن موارد العالم لا تكفي سوى لعدد محدود من البشر، وأن الزيادة في أعداد البشر سيؤدي إلى هلاك العالم كله، لذا لا بد من تخفيض العدد الحالي بما لا يتجاوز المليار بهدف الحفاظ على الظروف المعيشية المُريحة للأقلية (دول المليار الذهبي).
وحتى تتحقق أهداف الجماعة السرية التي يُقال إنها من تدير العالم، وهي من تتبنى فكرة المليار الذهبي، ظهرت العديد من الكوارث البيئية والفيروسية، وأثيرت العديد من النزاعات خاصة في القارة السوداء، من أجل تحقيق الهدف وتقليص عدد سكان العالم، ولولا حرب روسيا وأوكرانيا لكان العالم لا يزال في العزلة التي فرضت عليه نتيجة التهويل المتعمد من الفيروس وآثاره المدمرة اقتصادياً على أغلب دول العالم، وانقطاع الإمدادات عن الدول الفقيرة.
ولعل من أهم ما يدعم فكرة المليار الذهبي التوجه نحو الاعتماد على الروبوتات في حياتنا اليومية، تلك الروبوتات التي حلَّت بالفعل محل البشر في كثير من مناحي الحياة، بل وصل الأمر إلى تصنيع نوع منها يحل محل الأسرة ويقوم بنفس الوظائف النفسية والبيولوجية والاجتماعية لدى البشر.
إن تقنية AI «الذكاء الاصطناعي» والتي ظهرت بوادرها رسمياً في عام 1956م، في كلية دارتموث في هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية، خلال انعقاد مدرسة صيفية نظمها أربعة باحثين أمريكيين: «جون مكارثي، مارفن مينسكي، ناثانييل روتشستر وكلود شانون»، ومنذ ذلك الحين أصبح مصطلح (الذكاء الاصطناعي) شائعاً لدرجة أن لا أحد يجهله اليوم، وأن هذا الفرع من المعلوماتية أخذ في الانتشار أكثر فأكثر مع مرور الوقت، انبثقت عنه تقنيات ساهمت بقدر كبير في تغيير العالم على مدى الستين سنة الماضية لم يكن أحد يتخيل أن تصل إلى ما هي عليه الآن، ورغم الحوادث التي ارتكبتها؛ إلا أن الإنسان نفسه يعمل على تطويرها بشكل متسارع وبدون حد لهذا التطوير الذي ربما يكون سبباً في نهاية العالم البشري وبداية عالم الروبوتات التي يمكن أن تستعبد الإنسان ويكون هو من يخدمها.