ميسون أبو بكر
متابعتي لسائق زوجي في مشواره للحصول على رخصة القيادة السعودية هو سبب كتابتي لهذا المقال، فقد فرحت كثيرًا أن مدرسة القيادة أدرجته ضمن ساعات تدريب نظرية وعملية امتدت إلى خمسة أيام قبل خضوعه لفحص الحصول على الرخصة -علمًا بأن لديه رخصة من بلده-، وذلك من الجهود الحثيثة للمرور في المملكة لتنظيم المرور وتقليل نسبة الحوادث التي تسببت في خسارة الأرواح، بالإضافة إلى خسارة اقتصادية من الحوادث المرورية تقدر بنحو 21 مليار ريال سنويًا.
مسيرتي الإعلامية الصحفية أو التلفزيونية جعلتني على مقربة من أجهزة كثيرة اطلعت على نشاطاتها وجهودها في المملكة، بعد أن كانت مجرد أخبار نتصحفها أو تتناقلها الوسائل المختلفة، ولعل المرور وهو الشأن الذي يتعلق بحياتنا اليومية هو ما كتبت عنه وتحدثت عنه في محافل مختلفة وفي مؤتمرات نظمت في المملكة واستقطبت عاملين عالميين في هذا المجال، وقد استشعرت جهود المملكة العربية السعودية الحثيثة للاستفادة من تجارب عالمية والوصول إلى أقل نسبة حوادث في هذا البلد الذي يعادل قارة، ويسكنه 34 مليونًا من البشر كثير منهم من جنسيات مختلفة وثقافات متعددة، وقد كانت وظيفة السائق من قبل الأكثر حاجة نظرًا لعدم قيادة المرأة في الماضي، مما استقطب عددًا كبيرًا منهم أتوا بثقافات مرورية قد تكون ضحلة ومتواضعة، ومنهم من تعلم القيادة بعد استقدامه ومن دون قواعد ولا مدرسة، كذلك قيادة المراهقين في أسر كثيرة ليس لديهم سائق.
بعد تجربة القيادة في فرنسا لفترة طويلة وفي مناطق متعددة أستطيع أن أقول إنه على الرغم من ضيق الشوارع وتعرجها بحكم طبيعة البلد وصعوبة إيقاف السيارة لضيق الأماكن المخصصة، إلا أن القيادة مريحة وآمنة لأسباب أهمها التزام الناس بقواعد المرور وحرص السائق على القيادة بذوق وفن وعدم تعديه على مسار السائق الآخر، ثم عدم التجاوز والفهلوة التي يمارسها بعضهم في دول أخرى قد لا تكون ممتعة بحكم الانتباه الزائد للطريق ومخافة الوقوع بخطأ قد يكبد الإنسان غاليًا، لأن كل سائق يلتزم بمساره ولا يتوقع أي مفاجأة أو تعدٍ لطريقه من سائق أرعن.
هم يشعرون عميقًا بأهمية التزام قواعد المرور لتقديرهم لحياتهم وحياة الآخرين، ثم حرصهم على عدم تكبد قيمة المخالفات التي قد ترهق ميزانيتهم. الجهود العظيمة لقطاع المرور في المملكة قد لا توجد في دول متحضرة لذلك لابد أن نحظى بحركة مرور آمنة وقائدي مركبات يقدرون حياة الإنسان، وألا يُسمح لغير القادرين على القيادة بفن وذوق ومسؤولية عن اللهو بحياة الآخرين وذلك بمنح الرخص لمستحقيها ومعاقبة المتجاوزين والمسيئين بسحب الرخص عند تكرار المخالفات.
شكرًا لجهود المرور في كل مناطق المملكة، وتحية لمرور المجمعة الذي شعرت بحرصه وجهوده من خلال السائق الذي كان يخبرني عن رحلته في مدرسة القيادة هناك وأيامه حتى حصوله على الرخصة.