رمضان جريدي العنزي
القسوة بشكل عام بكل أشكالها وأنواعها، وسببها ومسبباتها، غير محببة وغير مرغوب فيها ولا تتماشى مع الحس الإنساني الراقي والنبيل، والرحمة والود والرأفة،، سيما إذا كانت بحق الصغار من قبل الكبار، لأن الطفل يلوذ دائماً بالكبير سواء كان أباه أو أخاه أو عمه أو خاله أو أياً كان، لحمايته من المخاطر والاعتداءات المتنوعة، لكن حينما يتحول الكبير إلى وحش كاسر، وسبع ضارٍ ممتلئاً قسوة ووحشية، فإن الصغير يكون الضحية في معركة غير متكافئة، ومحسوبة لصالح الكبير، البعيد عن الرحمة والمشاعر الإنسانية.
إن العنف بحق الصغار، له انعكاسات نفسية خطيرة، وقد يحولهم بشكل كبير إلى مشاريع انحرافية وإجرامية بحق المجتمع، ويترك في أعماقهم لهباً كبيراً ومستعراً من الأحقاد التي لا يخبو لها لظى، إننا نطالع في كل يوم أخباراً مروعة بطلها الكبير على الصغير، فقد يكون ضرباً مبرحاً، أو حرقاً مؤلماً، أو تكبيلاً موجعاً، أو كسراً يؤدي لإعاقة، أو جرحاً خطيراً، أو رضاً مشوهاً.
إن الكبير المشبع بالحقد والقسوة وعدم الرحمة ضد الصغير، بالتأكيد لا يوجد لديه وعي عميق، ولا إرادة نبيلة، ولا يستطيع كبح جماح نفسه المريضة، لهذا نجده مثل الشيطان الرجيم لا يكف عن الإيذاء والضرب والاعتداء، إنه يجيد انتهاكات القيم الإنسانية، ويخالف الموازين الدينية، ويرفض الصفات الجميلة في الأخلاق والسلوك والتعامل. إن الكبير الذي يستعلي على الصغير، والذي يبخسه حقه، ولا يتعامل معه سوى معاملة فوقية، فإنه يعتبر جباراً متكبراً، نتيجة انحطاطه النفسي والشعوري، لأن النقص الزائف الكبير، والاستعلاء الذميم، أمور جسمية بالغة، تجعل من الفرد المتصف بها آفة سيئة ومميتة.
إن المصيبة الكبرى أن يرتدي هؤلاء ثياب القوامة والاستبداد متقمصين شخصيات فولاذية لا يرون في مساراتهم وقراراتهم سوى الصحة والصواب، وحينئذٍ تعظم البلية، وتنسحب الآثار السلبية على القصر الصغار، لأن هؤلاء العتاة المتكبرين يملكون فصولاً رهيبة لها عجائب وغرائب، ويشكلون على البشرية رياحاً سامة وغباراً وأتربة، إننا بحاجة لثقافة معمقة تدفع بهؤلاء نحو رفض العنف والكف عنه بكل أشكاله وتنوعاته، مع وجوب إيجاد علاج جذري وفعال لهذه الحالة المرضية التي يتصف بها البعض من الخلق بعيداً عن المهدئات والمسكنات.