فَلا جَزِعٌ إِن فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا
فَكلُّ امْرِئٍ يَوْمًا به الدَّهْرُ فاجعُ
فلقد تلقيت اتصالاً من الأخ الكريم اللواء إبراهيم بن عبدالله الخُميّس يحمل نبأ رحيل عمه الشيخ عبدالرحمن إلى الدار الآخرة، حيث استوفى نصيبه من أيام الدنيا وذلك فجر يوم الثلاثاء الموافق 11-1-1444هـ، وتمت الصلاة عليه بعد عصر يوم الثلاثاء في جامع البابطين شمال الرياض، ثم حُمل جثمانه الطاهر وووُرِيَ بمقبرة الشمال، وقد صلي عليه جمع غفير من أقاربه ومحبيه - غفر الله له - وذلك بعد عمر مديد في طاعة الله - وما لبث أن طوَق بي الخيال إلى أجواء أيام الطفولة الحبيبة إلى قلوبنا معه ومع أخيه الشيخ عبدالله - رحمهم الله:
ما أَحسَنَ الأَيّامَ إِلّا أَنَّها
يا صاحِبَيَّ إِذا مَضَت لَا تعودُ
حيث كنا نقرأ القرآن الكريم على والدهم الشيخ المقرئِ إبراهيم بن محمد بن خميس رحمهم الله جميعًا.
ولقد كانت ولادته في حريملاء عام 1350هـ تقريبًا، ونشأ بين أحضان والديه ومع إخوته ورفاقه في أجواء فرح ومرح تحفها أجنحة التآلف والتوادد، ثم درس على والده - شيخنا - فتعلم الكتابة على الألواح الخشبية - آنذاك - وتلاوة القرآن الكريم كاملاً مع حفظ ما تيسر منه - وقد توفي والدهم في طريق عودته من الحج وهم في مقتبل العمر - حيث تولت والدتهم الفاضلة سارة بنت إبراهيم العيسى - رحمها الله - تربيتهم والعناية بهم وتَنْشِئَتهُم النَّشْأَةَ الصَالِحَة، ولقد خَلَفَ والِدَه في تدريس القرآن الكريم في المسجد فترة من الزمن، وبعد ذلك انتقل إلى الرياض طلبًا للرزق والمعيشة والاعتماد على نفسه.
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها
من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على (أَحدِ)
والتحق بالمدرسة التذكارية التي كان يديرها الأستاذ الفاضل سليمان الدغيري..، وحصل على الشهادة الابتدائية فيها، بعد ذلك انتقل إلى المنطقة الغربية وعمل بشركة بن لادن في أعمال توسعة الحرمين الشريفين الأولى وفي مشاريع شق وتعبيد الطرق المؤدية إلى مكة المكرمة، ثم عاد إلى الرياض والتحق بالرئاسة العامة لتعليم البنات في بداياتها، حيث عمل تحت رئاسة الشيخ ناصر بن حمد الراشد - رحمهم الله - وكان يعتمد عليه في كثير من الشؤون الخاصة بالعمل، ويحظى بثقة كبيرة منه ويصحبه في جولاته التفقدية في كثير من المدن والمناطق المتعددة، ومن ضمن تلك الزيارات التفقدية زيارتهم لمنطقة القريات، حيث استأذنوا من أميرها عبدالعزيز السديري - رحمه الله - في الذهاب للصلاة في المسجد الأقصى الشريف، حيث أعطاهم ورقة مرور للأردن وذلك قبل عام 1967م، أيام كانت الضفة الغربية تابعة للأردن، وتشرفوا بالصلاة في المسجد الأقصى هو والشيخ ناصر بن حمد - رحمهم الله - وأستمر رحمه الله في الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى أن وصل إلى منصب مدير عام الخدمات، بعدها أخلد للراحة متقاعداً عام 1410هـ، حميدة أيامه ولياليه، وكان طيلة عمله مثالًا للجد والإخلاص والأمانة، وقد قضى حياته محبًا للخير ومساعداً للمحتاجين، ملازمًا للمسجد وتلاوة القرآن الكريم، ومساهماً في بناء بعض المساجد وحريصاَ على تفطير الصائمين، وكان إماماً لمدة خمس وعشرين عامًا تقريبًا في مسجد في حي القُري بالرياض.
ولنا مع أبي محمد ومع أخيه عبدالله - رحمهما الله - ذكريات جميلة ولقاءات وزيارات متبادلة، ولقد خلّف ذرية صالحة بنين وبنات، تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وألهم أبناءه وبناته وعقيلته أم محمد وأبناء أخوته وأسرته ومحبيه الصبر والسلوان.
قَضَيتَ حَياةً مِلؤُها البِرُّ وَالتُقى
فَأَنتَ بِأَجرِ المُتَّقينَ جَديرُ
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف