رحل الرجل الصالح والدي عبدالرحمن بن إبراهيم الخميس.
عاش -رحمه الله - في كنف والديه وإخوانه وأخواته، عاصر وفاة الأب والأم والإخوة والأخوات، حزن حزناً عميقاً لوفاة شقيقة ورفيق دربه العم عبدالله، كانت تربطهما علاقة عميقة تتجلَّى فيها معاني المحبة، تقاسما قسوة الحياة وضيق العيش ولحظات الفرح والحزن، نشأ -رحمه الله - يتيماً في بيئة صالحة يسودها القرآن والعلم، كان أبوه معلماً ومربياً، تعلم في الكتاتيب مثل أقرانه في تلك الفترة، التحق بعدها بالتعليم النظامي، عارك قسوة الحياة في سن مبكرة بسبب وفاة أبيه، انطلقت رحلته المهنية وهو لا يتجاوز سن الثالثة عشرة، تحمّل المسؤولية، ومصاعب الحياة منذ طفولته وانعكاس ذلك على شخصيته وتصرفاته والتزامه وانضباطيته، سواء كان في حياته أو أعماله، انتقل إلى مدينة للرياض قادماً من مدينة حريملاء تاركاً أمه وأخيه، عمل لدى الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمهم الله - انتقل بعدها إلى الحجاز للبحث على عمل ليحظى بثقة بن لادن المؤسس لشركة بن لادن، بعدها عاد للرياض بفرصهة أفضل ليعمل برئاسة تعليم البنات مع رفيقه معالي رئيس تعليم البنات الشيخ ناصر بن حمد الراشد، حيث افتتح عدداً من المدارس في المدن والقرى والهجر رغم مقاومة تعليم المرأة أثناء تلك الفترة، حيث تعرض لإيذاء بالقول من قبل بعض المقاومين، من القصص النادرة له -رحمه الله - ذهب في رحلة مع رفيقه معالي الشيخ ناصر بن حمد الراشد لافتتاح عدد من مدراس تعليم البنات في شمال المملكة وأثناء تلك الرحلة حصل لهما - رحمهما الله - شرف زيارة المسجد الأقصى، حيث كان في تلك الفترة تحت الرعاية الأردنية، يشهد عليه من عمل معه على أمانته وإخلاصه والتزامه وحرصه على المال العام، ومتابعته الدقيقة، تقاعد من عمله بعد أن تولى عدداً من المناصب، استمرت علاقته مع زملائه حتى قبل وفاته، كان - رحمه الله- من أهل القرآن قارئاً وحافظاً، يختم القرآن كل ثلاثة أيام، حريصاً على بذل الخير والإنفاق من كفالة الأيتام والإحسان للمساكين والفقراء وبناء وصيانة المساجد وتفطير الصائم، ورعاية لجمعيات تحفيظ القرآن، تولى إمامة المسجد، حرص على رعاية حلقات تحفيظ القرآن وتحفيز الأطفال وحث الشباب، كان يصل القريب والبعيد ويشهد على ذلك الأقارب والأحبة والأصدقاء والجيران، باراً بوالدته وحنوناً على أخيه وزوجته، حريصاً على تعليم وتربيه أبنائه وبناته، شديداً في الحق لا يبخل بالنصيحة، كريم الخلق والنفس قبل المال، متواضعاًع الصغير قبل الكبير، أوصى أبناءه إمامته -رحمه الله - خلال الخمس السنوات الأخيرة من عمره وذلك لإحساسه بفقدان الذاكرة تدريجياً وحرصاً منه على أداء وضبط الصلاة أثناء عجزة، أثناء تدهور ذاكرته، كان يسأل أبناءه باستمرار عن وقت الصلاة ويصر عليهم لأخذه إلى المسجد مع العلم بأنه ليس وقتاً للصلاة ولكن حينما نرقب عينه نراها مليئة بالدموع، تدهورت صحته في السنتين الأخيرتين، توفي الرجل الصالح -رحمه الله - يوم الثلاثاء بعد يوم عاشوراء الذي اعتاد أن يصومه 11-محرم-1444 تاركاً مآثره تشهد له -رحمه الله - فيستحيل اختزالها في هذا المقال، ولكن الناس شهداء الله في الأرض، والملائكة شهداء الله في السماء، جنازته تشهد له من المصلين سواء في المسجد أو في المقبرة الفقير والمسكين والغني والمسؤول المسن والشاب، رحمك الله يا أبي وأسكنك فسيح جناته، وأسأل الله أن يجمعنا معك في الفردوس الأعلى من الجنان.
** **
- سعد بن عبدالرحمن بن إبراهيم الخميس