د.عبدالعزيز العمر
في معرض حديثه عن العقل البشري ودور الرياضيات في تنشيط عمل هذا العقل والارتقاء بقدراته، يقول الفيلسوف اليوناني أفلاطون: «إن الفرد الذي لا يمتلك حدًا أدنى من المعرفة بالرياضيات يُعدُّ فردًا ناقص الآدمية (الإنسانية)». ويمتد أثر الرياضيات إلى عصرنا الحاضر لتشكل مع قرينتها «العلوم الطبيعية» عصب حضارة وتكنولوجيا هذا العصر.. بل إنني لا أتردد في القول جازمًا أنه لا تطور تقنيًّا علميًّا طالما تجاهل التعليم الاهتمام بالعلوم والرياضيات. إن مما يقلق اليوم المهتمين بمستقبلنا التنموي تدني اهتمامات وتراجع تحصيل طلابنا في العلوم والرياضيات، وهذا أمر سيكون له حتمًا أثر سلبي على مستقبل التنمية في بلادنا. وزارة التعليم من جهتها بذلت جهودًا متواصلة للرقي بمناهج العلوم والرياضيات، فقد حاولت الاستفادة من المناهج العالمية في العلوم والرياضيات، إلا أنها - للأسف - لم تحقق المأمول منها حتى الآن. فعلى الرغم من أن العلوم والرياضيات هي بالفطرة معشوقة العقل، وهي مشبعة لفضول الطلاب الفطري، بل حاسمة ومؤثرة على ما يصنعه الطلاب من قرارات تمس مستقبل حياتهم، إلا أنها - للأسف - لا زالت مكروهة من نسبة كبيرة من طلابنا.
ولعلاج هذه المشكلة لا بُدَّ من إجراء تغيير هيكلي في برامج تعليمنا للعلوم، هذا التغيير يجب أن يؤكد على عدم تقديم العلوم لطلابنا باعتبارها ركامًا أو نتفًا من الحقائق والمعارف العلمية المتناثرة التي يجب على الطالب تذكرها، بل يجب تقديم العلوم للطلاب باعتبارها منهجًا للتفكير وأسلوبًا للتجريب والفحص من أجل مساعدة الطلاب ليكتشفوا ويفهموا حقائق الأشياء. أما بخصوص منهج العلوم الذي بين أيدي طلابنا حاليًا فهو لا يزال منهجًا ضعيف الصلة بواقعهم التعليمي، كما أن رصيد طلابنا من المفردات اللغوية والعلمية لا يسعفهم في فهم محتوى هذا المنهج، وهذه حقيقة يدركها كل من حاول قراءة وفهم كتب العلوم.