د.شريف بن محمد الأتربي
تمر حياتنا الاجتماعية بالعديد من المنعطفات التي تؤثر فيها وتتأثر بها، وكلها ناتجة عن علاقات متعددة ومختلفة الأشخاص، وفي كثير من الأحيان يحتاج الفرد إلى مراجعة هذه العلاقات وإعادة تنظيمها بما يتناسب مع الشخصيات التي نتعامل معها، حيث يخلط البعض بين هذه العلاقات ويضع الكثير منها في غير موضعه، فيخلط بين الصداقة والزمالة، وبين المعرفة والقرابة، وبين الأخوة والمؤاخاة مما ينتج عنه في غالب الأمر صدمة نتيجة توقع في موقف ما بشكل إيجابي من الطرف الثاني، ولكن يا للأسف تكون السلبية هي النتيجة.
وخلال الفترة الماضية عكفت على دراسة إستراتيجية 6 سيجما في إدارة المشاريع - رمز SIGMA هو رمز علوم الإحصاء ويعني الانحراف المعياري (مقياس التشتت)، وهي الأرقام والبيانات التي يعتمد عليها عند دراسة وتحليل مشكلة معينة-، وكيف تعمل هذه النظرية على تقليل الانحراف المعياري في المشروع مما يعظم الفائدة ويحقق النتائج ويقلل التكاليف. ومما لفت انتباهي في هذه النظرية أنها تقوم على التحليل المتزايد للبيانات والإحصائيات المجمعة للتعرف على مواطن الخلل والعيوب في الإجراءات أو المنتجات وذلك للعمل على معالجتها بشكل دائم ومحاولة تقليل نسبة الأخطاء لتصل إلى نسبة صفر كلما أمكن ذلك.
وكلما تمعنت أكثر في دراسة هذه الإستراتيجية وجدت كم نحن بحاجة إلى تطبيقها في حياتنا الاجتماعية وخاصة بعد القيام بمراحلها الخمس والمتمثلة في المصطلح (DMAIC)، وهو يعني:
التعريف Define، وتتم في هذه المرحلة تحديد المشكلة نطاق البحث، ثم نقوم بتشكيل فريق للبحث عن أفضل الحلول التي تساهم بتحسين الجودة للمشكلة. وينطبق هذا في حياتنا الاجتماعية في جزئية خلط العلاقات.
القياس Measure، وفي هذه المرحلة يتم تحديد جميع العيوب والمشاكل وقياسها حسب الأولوية، وإعداد بيانات تتناسب مع معيار الجودة في الشركة. وفي هذه المرحلة يتم عمل قياس لكل علاقة بطريقة محددة لوضع كل شخص في محله.
التحليل Analyze، وهنا يتم تحليل البيانات التي تم جمعها كل واحدة على حدا لمعرفة المشكلة من جذورها وحلها. وفي هذه المرحلة يتم تحليل شكل العلاقات وتأطيرها.
التحسين Improve، وفي هذه المرحلة يتم اقتراح الأساليب والطرق المناسبة لتحسين المشكلة ورفعها للإدارة لتبدأ بالتنفيذ. وهنا نقطة مهمة جداً حيث تبدأ مرحلة جديدة في العلاقات ولا تتوقع أن يظل الجميع معك بصورة وردية، بل إن هناك من يرى أن تغيرك هذا يضره فيتخذ قراراً بالابتعاد وقطع العلاقة.
الرقابة Control، وأخيراً يتم في هذه المرحلة المراقبة على عملية التحسين واستمراريتها لعدم الوقوع في المشكلة مرة أخرى. وهنا مرحلة أخرى فاصلة، تقوم أنت نفسك بدراسة الوضع الجديد والتأكد أن كل شخص في محله الطبيعي من علاقاتك الاجتماعية، وأن العمليات السابقة قد تمت على وجهها الصحيح.
في علاقتك الاجتماعية أبحث عن أصحاب الحزام الأسود أولاً، فـ6 سيجما تتسم بأحزمتها الستة، والتي تعبر عن مدى كفاءة الفرد في منظومة العمل وبالتالي في علاقته الاجتماعية بك وبمن حوله. فأصحاب الحزام الأبيض مثلاً Six Sigma White Belt، يمثلون المستوى التمهيدي من المعرفة بالمفاهيم الأساسية لستة سيجما، بينما أصحاب الحزام الأصفر Six Sigma Yellow Belt يشير إلى أنهم قد تعلموا تفاصيل كيفية عمل ستة سيجما، وكيف تُطبّق التخصصات في مكان العمل، والمكان الأفضل لتركيز أوقاتهم أثناء تعلم العملية.
أما أصحاب الحزام الأخضر Six Sigma Green Belt، فلديهم القدرة على التحليل المتقدم وحل المشكلات المتعلقة بمشاريع تحسين الجودة. وتقود الأحزمة الخضراء المشاريع وتديرها، بينما تقدم الدعم لأحزمة ستة سيجما السوداء.
وأخيراً حاملو الحزام الأسود Six Sigma Black Belt ويتميز صاحبها بأنه خبير في فلسفات ومبادئ ستة سيجما. وتُعرف الأحزمة السوداء بوصفها وكلاء للتغيير داخل المنظمة وتقود فرق المشروع.
ويأتي في القمة أصحاب الحزام الأسود الرئيسي Six Sigma Master Black Belt والذين يمثلون الجزء العلوي من هيكل إنجاز ستة سيجما، ولديهم خبرة واسعة وهم قادة في مجالاتهم. فأصحاب الحزام الأسود المتقدم (Master Black Belt) هم أعلى مستوى في الأحزمة.