فمثلاً: إذا تزوجت امرأة مسياراً، وشرطت بالعقد أنه إذا توفي أحدنا فإنه لا يرث الآخر، وأسقط كل واحد منا حقه من الإرث (وذلك برضى تام من الزوج ومن الزوجة).
فهل هذا الشرط صحيح؟ وهل إذا توفي أحدهما يصح للآخر المطالبة بالإرث أم لا؟
هذا الشرط باطل، ويرث كل من الزوجين الآخر حتى ولو شرط عدم إرث الآخر منه، وذلك ما دام أن عقد النكاح صحيح شرعاً.
وذلك للأسباب التالية:
1 - لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (سورة النساء: 12).
فإن حق التوارث حق لله تعالى ليس من حق المخلوق أن يورِّث من شاء، ولا يحرم من شاء، وقد أبطل الله التبني وما يترتب عليه من الإرث.
2 - ولأن هذا شرط مخالف للشرع فيعتبر من الشروط الباطلة، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: (-ما بالُ أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتابِ اللهِ؟ من اشترطَ َشرطًا ليس في كتابِ اللهِ فهو باطلٌ، وإن كانَ مائةَ شرطٍ، كتابُ اللهِ أحقُ وشرطُ اللهِ أوثقُ..).
وفيه دليل على اشتراط الشرط الباطل لتحقيقي بطلانه (خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق).
3 - والقاعدة التي سبق تقريرها في القواعد: تقديم الشيء على سببه لاغ، وتقديمه على شرطه جائز.
وهذا الشرط من تقديم الشيء على سببه وهو الموت، فيكون لاغ، ولا عبرة به.
وبهذا أيضاً يعرف أن الذي يزوج والده كبير السن من امرأة أجنبية عن بلده، ويشترط عليها عدم إرثها منه إذا مات، بأن هذا شرط محرم وباطل ولا يجوز اشتراطه، ولا ينفذ، والله أعلم.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة