مكة المكرمة - واس:
تعددت شواهد عناية قادة البلاد المباركة بالحرمين الشريفين وقاصديهما في مختلف المجالات، ومن تلك الشواهد ما حظيت به الكعبة المشرَّفة من عناية ورعاية واهتمام بكسوتها وتطيبيها وغسيلها وغيرها من الجوانب التي تعكس حرص ولاة الأمر بكل ما يُعنى بقبلة المسلمين.
ففي عام 1363هـ أمر جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله- بصنع باب جديد للكعبة المشرَّفة بعد أن علم أن الباب الموجود حينها قد أخذ في الاختلال لقدم صنعه، واستغرق العمل في صناعة الباب ثلاث سنوات، وصُنع من قاعدة حديدية ثُبِّت على سطحها مصراع الباب المعمول من الخشب الجاوي المصفح بالفضة المطليّة بالذهب وزُيّن الباب بأسماء الله الحسنى واستمر هذا الباب حتى عام 1397هـ، حيث أمر جلالة الملك خالد بن عبد العزيز -رحمه الله- بصنع باب جديد للكعبة وهو الموجود إلى اليوم، وبرزت الفكرة عندما لاحظ جلالته قدم الباب ورأى آثار خدوش فيه فأصدر توجيهاته فورًا بصنع باب جديد للكعبة المشرَّفة وباب التوبة من الذهب الخالص، وباب التوبة هو باب السلم الذي يصعد به إلى سطح الكعبة المشرَّفة. وبلغ ما أُنفق في صناعة البابين (باب الكعبة وباب التوبة) (13.420.000) ريال، عدا كمية الذهب التي بلغت (280) كيلو جرامًا، وكان الذهب عيار 999.9 %، واستغرق العمل فيه من غرة ذي الحجة عام 1398هـ اثني عشر شهرًا، وقد أُقيمت ورشة خاصة لصناعته. ويمتاز الباب بدرجة عالية من المتانة والجودة، بحيث يقوم بوظيفته بدون الاحتياج إلى صيانة، وقد جرى تفصيل الهيكل الإنشائي وتجهيزه ليوفر للباب جمال التصميم الزخرفي من جهة ومراعاة عوامل الطقس والموقع في تحمل الحرارة الشديدة والأمطار من جهة أخرى. أما بالنسبة للزخرفة والكتابة على الباب، فقد اختيرت من أنواع متجانسة ومن أهم عناصرها هي زخرفة الإطار البارز، وهي الزخرفة التي تستمر في مستوى مكان القفل، حيث تعطي له الأهمية اللازمة؛ لأن قفل الكعبة المشرّفة له ميزة خاصة في الشكل التراثي والوظيفي. ونُقشت على الباب عدة آيات قرآنية هي: (ادخلوها بسلام آمنين)، و(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا)، و(كتب ربكم على نفسه الرحمة) و{وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} و{قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ}. ويقع باب الكعبة المشرَّفة في الجهة الشرقية منها، وهو الآن يرتفع عن الأرض من الشاذروان (222سم)، وطول الباب نفسه (318سم)، وعرضه (171سم)، وبعمق ما يقارب نصف متر.