ميسون أبو بكر
لم تكن رحلتنا في هذا الصيف آمنة كما كنا نعتقد، فقد ظننا أن شبح كورونا انقشع كما تنقشع سحابة صيف لكننا حين تابعنا ارتفاع أعداد المصابين بكورونا فزعنا لأن الإصابة بالمرض خارج حدود الوطن ليست بالأمر الهيِّن سواء التطبيب أو التعب والإنهاك والتزام السرير خلال السفر، وقد اطّلعت على حال أصدقاء لي أصابتهم التعاسة وضياع عطلتهم وقد لازموا فراشهم مع شح الخدمة وقلق انتقال المرض من فرد لآخر في العائلة (ورطة حقيقية)، رغم أن التطعيمات التي تلقيناها خففت من آلام المرض وآثاره كثيراً بحمد الله.
الإنسان يهوى المغامرة وتجديد طاقاته وتغيير أجوائه لذلك يحب السفر والتنقّل والتقاء الآخر، وعامان مضيا كنا فيهما رهن حظر التجول ثم منع التنقّل والسفر جعلتنا بحاجة للعودة للعالم الخارجي الذي حين استأنفنا وضعنا الطبيعي وجدنا فيه غربة لم نألفها ولم نعتدها وعادات استجدت من التباعد وفزع القرب من الآخر أو ممارسة حديث جانبي في مقهى أو قطار، تحولت أجسادنا مع الآخرين لأقطاب متنافرة، وإن قلت فزع الناس وابتعدوا عن الاختلاط بالآخرين فهو واقع حتى شعرنا أن كل منا كأنه يمضي منفرداً مبتعداً قدر الإمكان عن خطى الآخرين أو الاختلاط بهم أو حتى الاقتراب منهم، ناهيك عن ملازمة تعقيم الأيدي والتأكد من تعقيم غرف الفنادق وسيارات الأجرة وطاولات المطاعم وكل ما يحيط بنا، كنت أتوجّس كثيراً من فريق التنظيف في الفنادق وأفكر ملياً بخطر انتقال المرض عبر أدواتهم وملابسهم وأيديهم، وصادفنا ذات مرة عاملة عرفنا بعد غيابها أنها مصابة بكورونا وكانت كذلك حين كانت تنظّف غرفنا فلم أملك إلا تعقيم كامل أجزاء المكان والدعاء ألا يصيبنا بلاء ونحن خارج الرياض.
حرب أوكرانيا ألقت بظلالها كثيراً من ارتفاع أسعار البنزين وغلاء الأسعار وازدحام البشر وكثرة المتسوّلين وشح الفنادق بحكم احتواء أوروبا للاجئين الأوكرانيين، كل ذلك بنظري لم يجعل للسفر متعة ولم يمكننا من الشعور بالأمان الصحي ولذة ومتعة السفر.
تصفحت على السيد جوجل أجواء مناطق عديدة في المملكة ومايست روحي أمطار الباحة وسحب أبها وجبالها وكل ما نُشر من مقاطع رائعة لمواطنين وزوار فغيَّرت مواعيد رحلة العودة وحجزت لإحدى هذه المناطق العذبة لعل روحي تجد السكينة والاطمئنان في ربوع وطن أعشق تفاصيله وأجد الراحة في خدماته التي افتقدتها في الخارج وأنا أقوم بكل المهام وحدي.
كامرأة أشعر أن حياتي في المملكة ميسَّرة لا أحتاج أن أنظف مركبتي بنفسي أو أملأها بالبنزين (بخطوات كثيرة) وأحمل أغراضي الثقيلة من المتجر أو حقائبي في المطار دون مساعدة، لعلي أكتب لكم بعد هذا مذكرات رحلتي في مناطق سياحية فانتظروا مقالي القادم - بإذن الله.