عبد الله سليمان الطليان
لا شك أن حب النقد موجود لدى جميع البشر وبحسب ثقافتهم وأحوالهم والبيئة التي يعيشون فيها ومنذ القدم، ولكن مع التطور الحضاري صار هناك تنوع في مجال النقد فهناك نقد سياسي واجتماعي ومالي ومادي وأدبي وإداري وفني ورياضي، ولكل له إنسان أو مجموعة متخصصة في الغالب، والنقد بطبيعة الحال يعتبر ظاهرة صحية إذا كان هادفًا ومفيدًا، يرتقي بالنقد في أسلوبه وعرضه.
إن وسائل الإعلام في وقتنا الحاضر مع تطورها زادت من وتيرة هذا النقد وأصبحت تشكل سلطة مستقلة، ولكن مع الأسف (اختلط الحابل بالنابل) فصار هناك أهداف ومصالح جعلت من هذا النقد ينحرف أحيانًا عن جادة الصواب، وهذا سببه كثرة الغث من قبل من يفتقر إلى المفهوم الصحيح في النقد. وسوف آخذ هنا جانبًا واحدًا في النقد وهو النقد الاجتماعي الذي أعتبره ذا أثر كبير على واقع المجتمع الذي تسابق وتهافت إليه الكثير مهرولين له بدافع حب الظهور وكذلك تحقيق مكسب مادي، وبتفكير ضحل سطحي لا عمق فيه ولا حكمة، يشد العقول أحيانًا بخطاب بلاغي مسرف في الإطناب، ينطلي أحيانًا على العامة التي ثقافتها ضعيفة.
إن كثيرًا من المشاكل الاجتماعية في وقتنا الحاضر التي تتعرض للنقد أصبح هذا النقد (فضولاً وتطفلاً)، لأنه يقوم على التدخّل في أمور لا تعني الذي يعتقد أنه يوجه نقدًا هادفًا, بل مجرد حب الاطلاع والاستطلاع والبحث عن الإثارة لمادة إعلامية جذابة تخدم الوسيلة الإعلامية تجاريًا، وهذا ما يحصل الآن لدى العديد من القنوات الإعلامية الهابطة التي ابتلينا بها، التي تزيد الطين بلة عندما تعقد المشكلة الاجتماعية بدلاً من أن تحلها. إن هذا التطفل والفضول مرتبط في الأساس بالتنشئة الاجتماعية في مجتمعاتنا التي تعاني منه، وهي السبب في الكثير من المشاكل الاجتماعية التي أدت إلى تفكيك أواصر قربى وعلاقات زوجية وحتى صداقات، حتى قبل أن تنتشر وتتطور والوسائل الإعلامية التي كان من واجبها معالجة هذه التنشئة الاجتماعية الخاطئة، التي تمزق الترابط الاجتماعي عبر التدخل في شؤون الآخرين الذي يزيد من تفاقم المشاكل الاجتماعية.