د.حماد الثقفي
عزَّزت جائحة نهاية عام 2019 الإقبال العالمي الرقمي باستخدام الوسائل الرقمية الموفرة للتكاليف للوصول إلى الفئات السكانية المستبعدة مالياً، أي ما يعني زيادة الشمول المالي الرقمي، لحصول هؤلاء على خدماتهم وقضاء حاجياتهم دون عناء وبما يتناسب مع الظروف الوبائية التي أغلقت الحدود وعزلت الجميع عن مُحيطه وبتكلفة ميسورة للعملاء ومستدامة الخدمات، ولذا نجد أن نسبة من حصلوا على حسابات جديدة إلى 1.2 مليار بالغ في جميع أنحاء العالم بين عامي 2011 و2017. وحتى عام 2017، كان لدى 11 % من البالغين حول العالم حساب مصرفي، ليرتفع حالياً العدد بوجود استخدام الهواتف المحمولة للضعف منذ بداية الجائحة في أكثر من 80 بلدًا، لينتقل ملايين العملاء الفقراء، المستبعدين سابقاً والذين لم يحصلوا على خدمات كافية، حصرًا من المعاملات النقدية إلى الخدمات المالية الرسمية الرقمية، كونهم أكثر الفئات تضررًا من زيادة التضخم، والصدمات الاقتصادية التي شهدتها البلدان النامية في الآونة الأخيرة.
لقد أحدثت هذه الثورة الرقمية كونها أداة فاعلة لمكافحة الفساد، تحولاً في الشمول المالي التي أكدتها قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي من خلال مسح ميداني لأكثر من 125 ألف بالغ في 123 بلداً، وغطى الاستفادة من الخدمات المالية خلال 2021. وقد أوجدت أن 71 % منهم من البلدان النامية عبر الهاتف المحمول، في حين كانوا منذ عشر سنوات سالفة 42 %. وبالتالي أصبح الحصول على خدمات تلقي الأجور من أصحاب الأعمال، وإرسال تحويلات المغتربين لذويهم، والمدفوعات وغيرهم عبر الجوال، حيث زادت نسبة البالغين المتعاملين بها رقمياً من 35 % عام 2014 إلى 57 % في 2021، ليصبح بذلك التحول عاملاً أساسياً في تخفيف الصدمات الاقتصادية الناجمة عن الاضطرابات الحالية.. ولذلك تم وضع القوانين والتشريعات النظامية لزيادة الثقة بالنظام المالي، الذي تطلب إنشاء أنظمة لتحديد الهوية الرقمية، والتعلّم من تجارب دول تفوقت ببرامجها ذات المجال التقني كالهند والفلبين لتزويد مواطنيها من المتعاملين أو العُملاء الذين يُصعب الوصول إليهم بوثائق رسمية لتحديد الهوية والحسابات المالية ويعيشوا بعيداً عن فروع البنوك، والتي قام فيها بدور بارز منصات الحكومة الإلكترونية، وتحديث أنظمة الحماية الاجتماعية، وقد رأينا أمثلة ناجحة في التطبيقات السعودية كمنصة النفاذ الموحّد، وأبشر وتوكلنا وغيرهم.