رمضان جريدي العنزي
كان الناس يتقاتلون من أجل نبتة كلأ، أو غدير آسن، أو ناقة جرباء، أو نعجة هزيلة، أو بئر ماء، أو بقعة خضراء صغيرة، ردحًا من الزمن، إلى أن جاء الموحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، فوحد الناس والقبائل والمناطق، وصهرها في بوتقة واحدة، وجعلها دولة واحدة، يحكمها التشريع واللوائح والنظام حتى شع الأمن والأمان والاستقرار، واطمأنت النفوس، وتآخت الناس، وتوحدت وتصاهرت وتقاربت واختلطت الدماء، وتشابكت الأنساب، وطاب العيش، وكثر الخير، وتغيرت الأحوال إلى أحوال رخاء ونعم وسلام وعافية، بعد جفاف وخصام وعداء ودماء وسخام وتشاحن وبغضاء وخوف وتوجس ونهب وسلب وقطع طريق ومرض وفاقة وقحط. لقد كان الناس قبل التوحيد المبارك ليس لهم استقلال معيشي وذاتي واعتباري، وليس عندهم خطط تنموية، وترقية للذات والحياة والإنسان، فهم في خدمة المصلحة الذاتية والفئوية عاكفون وعاملون ومهتمون، لقد فشلوا فشلاً ذريعًا في أن يحققوا للناس تكاملاً اقتصاديًّا وأمنيًّا وجغرافيًّا ورغد عيش، بقدر ما حرصوا على الاهتمام بالناقة العجفاء، والنعجة العوراء، والاستحواذ الأعمى، والتكسب اللامشروع، والتنافس المر الذي يقطر دمًا، حتى أصبحوا لا يرون من الحياة إلا مصالحهم الضيقة. كان الوضع الأمني والاجتماعي والاقتصادي في غاية التردي والانحطاط، كانت الجرائم والغزوات تكبر وتتشعب حتى أصبحت مألوفة، وحتى الحجاج لم يسلموا من هذه الجرائم.. لقد كانوا يُسلبون ويُقتلون بالمئات. في مثل هذه الظروف الحرجة من الفوضى والفساد والانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي جاء الموحد والمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - فقضى على هذه الأوضاع المؤلمة كلها، فأحل الأمن والسلام في كل المناطق فأعانه الله على ذلك وأمده بتوفيقه، فتغيرت الأحوال، وساد النظام والأمن أنحاء البلاد بمدنها وهجرها وقراها، وانقطعت الجرائم، وطهرت الطرق من عصابات النهب والسلب، وأصبحت آمنة للمسافرين والحجاج والمعتمرين، وتحقق الحلم الذي طالما راود الناس للتنقل بحرية وأمان. لقد أصبحت بلادنا المملكة العربية السعودية تحفة فريدة، ولؤلؤة نادرة، في ظل قياداتنا الحكيمة وتطلعها الأمثل لاستشراف المستقبل المغاير، في ظل وفاق واستقرار لا مثيل له، يهدف لمواصلة ديناميكية النمو والتطور التي تشهدها بلادنا في شتى المجالات. لقد أصبحت مدننا من أكثر المدن العالمية جاذبية للناس ورؤوس الأموال، وفي غضون فترة قصيرة جدًّا تطور المشهد الحضاري عندنا، بشكل جذري وعميق، يعكس التطلع الأمثل للتحول نحو العصرنة ومواكبة تطوراتها السريعة والمتلاحقة. لقد انتهى الاقتتال العبثي الذي ساد ردحًا من الزمن، وانزاح الظلم والظلام، واندثرت الهمجية، وانتهى الثار، وسفك الدماء، وتلاشت العداوات والنزاعات، والسلب والنهب واللصوصية، وبزغ نور الفجر، وجاءت نسمات الموادعة والمسالمة، وانشغل الناس بالسلم والصفاء والوفاء والتطور والتنمية ومنافسة الآخرين. لقد أصبحت بلادنا المملكة العربية السعودية لها الريادة والثقل السياسي والاقتصادي والعسكري والتجاري مستغلة الفرص والإمكانيات كافة لتحقيق أهداف عظيمة لتطلعات راقية. لقد أصبحنا في كل يوم نعانق السحاب، ونصنع المعجزات، ليرانا العالم، ويعرفوا أن ليس لدينا مستحيل أمام رغباتنا المتنامية وطموحنا الفريد. إن بلادنا تسير بخطوات واثقة نحو التميز والتفرد، تاركه وراء ظهرها المحبطين وناشري الخوف وأصحاب التوجس والملفقين وناشري الفتن، وتجاوزتهم.