د.مساعد بن سعيد
(1)
لعل من غرائب الأمور أن النماذج الإيجابية المشرقة المبدعة الحقيقية الصادقة الحالمة موجودة فلم الحرص كل الحرص على تقديم النماذج السلبية التي سببت لنا التراجع والمواجع؟!
إن ما نراه اليوم في جميع مواقع التواصل الاجتماعي بالسوشيال ميديا تلك الثورة المعلوماتية التي وُجدت من أجل استخدامها الاستخدام الأمثل للمعرفة والفائدة والابتكار باتت بكل أسف مشوه الاستخدام من خلال فئات دخيلة لا تحمل فكرًا ولا كرامة لاهثة نحو الثراء السريع حتى لو على حساب كرامتها أو إلحاق الضرر بقيم وطنها في ظل شهرة زائفة رخيصة باتت الشيء البسيط الذي يستطيع أن يحققه أي إنسان فاقد لعزة نفسه ودون أن يبذل مجهوداً كل ما عليك فعله تسجيل مقطع هابط كل ذلك من أجل الوهم حتى أضاعوا الكرامة ورضوا بالمذلة والمهانة في عالم مليء بالكذب والتصنع والتضليل يعيشون فيه مشاهير غفلة سببوا لنا التدهور والشقاء وفي ظل هوس تلك الشهرة الزائفة أصبح الكل يريد أن يركب موجة الأضواء السهلة ولو على حساب أهله أو الآخرين وتفاقمت هذه الظاهرة بشكل لا يمكن السكوت عنه، وعجبًا مِن اللاهثين خلف هذا السراب ووهم الحقيقة وهم يتنقلون من مكان لآخر ناشرين (تفاهاتهم) ثم لا يجدون في نهاية المطاف إلا شهرة زائفة ونجاحاً مزيفاً!
(2)
مع الأسف نحن في عالمنا العربي فاشلون في معاملة المبدعين الحقيقيين وأصحاب المواهب والإنجازات، وعلى الرغم من أن عالم اليوم لا يعترف إلا بالقادرين على العطاء والإبداع إلا أننا في عالمنا العربي نجد المحسوبية والتلميع الكاذب لذلك لا غرابة إذا شاهدنا التراجع والتدهور في ظل رعاية الفساد ووأد الإبداع؟!
ألم يحن الوقت لنرتقي بفكرنا ووعينا ومواهبنا وأخلاقنا؟
ألم يحن الوقت ليكون أساس النجاح والشهرة هو الإبداع الحقيقي بدلاً عما يحدث حاليًا عندما جعلنا الادعاء الزائف والتصنع هما أسس النجومية؟!
ويبقى السؤال الأهم: من يقف خلف هؤلاء وخلف تزايد هذه الظاهرة/ الانتكاسة؟!
لا شك أن كثيراً أعادوها للناس المتابعين موجهين لهم الدعوة بأن لا تصنعوا من الحمقى مشاهير، ولكنني أرى أن الناس لم تتابعهم إلا بعد أن وجدوا بعضًا من المسؤولين داعمين لهؤلاء بل تجدهم في الصفوف الأمامية في أي حفل لوزارة من الوزارات؟! ثم نجد أن بعضًا مِن إعلامنا مع الأسف أسهم في الترويج للفاشلين وعمل من أجل الاعلاء من قيمة هابطة فحولوا الإعلام من أهدافه السامية إلى شريك في رعاية هذا الفشل وهذه الانتكاسة!! بعد كل ذلك جاء دور الناس المتابعين عندما وجدوا أن المسؤول والإعلام والشركات يروجون لهم تابعوهم!!
والطامة الكبرى تكمن في تأثر النشء بهم شهرة وكسباً مادياً حتى باتت أحلامهم المستقبلية أن يصبحوا مثلهم؟!
(3)
وفي ظل هذا الإخفاق وهذه الهزة الثقافية والفكرية التي أدت إلى تغيب ملامح وجهنا الحضاري نحتاج إلى ثقافة الوعي والبناء الفكري ومحاسبة كل من يقف وراء هذه الانتكاسة وهذه الظاهرة المضرة وهؤلاء الدخلاء.
ثم علينا أن نؤثر بأعمالنا وصدقنا وفنوننا وتراثنا وحضارتنا الحقيقية وقيمنا النبيلة فعندما يبسم فجر الكفاءات الحقيقية المبدعة وتتصدر المشهد حيث مكانها الطبيعي عندها تنتهي هذه الظاهرة وهذا السقوط ويكون في طريقه نحو الزوال بإذن الله، فنحن بحاجة في كل مجالات الإبداع والمسؤولية أن نكون أكثر ثقافة وأشد وعيًا وعدلًا، وأكثر أدبًا وأمانة، وأنقى تربية وطرحًا.