دفع شخص قيمة السلعة نقدًا للبائع على أن يتقبل الأقساط من المشتري بأكثر منها
* باع شخصٌ على آخر سلعة بثلاثة آلاف ريال مقسَّطةً على ثلاثة أشهر، علمًا بأن قيمتها نقدًا بألفي ريال، ولما تم العقد جاء شخص ثالث ودفع للبائع ألفي ريال نقدًا على أن يتقبل هذا الشخصُ الثالثُ الأقساط من المشتري، فهل هذه المعاملة صحيحة؟
- العقد الأول فيه سلعة تُباع بالدراهم، ويزاد في قيمتها في مقابل الأجل، ولا شيء في ذلك، لكن العقد الثاني بيع ثلاثة آلاف مؤجلة بألفين نقدًا وهذا عين الربا، فصار بيع دراهم بدراهم.
* * *
بيع وشراء العباءات النسائية الضيِّقة والملوَّنة
* ما حكم بيع العباءات النسائية، حيث إنها في الغالب إما ضيِّقة، وإما على الموضة كأن تُوضع لمعة أو ألوان على الأكمام، أو تكون الألوان على العباءة بالكامل، وهي تُلبس في الأسواق والمناسبات، ما الحكم فيها بالنسبة للبائع وللمشتري ولولي أمر المرأة؟
- إذا كانت بهذه الصفة فلا نقول: (حكم بيع العباءات النسائية وهي في الغالب)! اترك ما هو خلاف الغالب، لكن على هذه الصفة إذا كانت ضيِّقة تصف حجم المرأة فهذه لا يجوز لبسها عند الأجانب، أو كانت على الموضة التي يُقلَّد فيها الكفار، أو توضع فيها زينة ظاهرة مما أُمرت المرأة بإخفائها ونُهيتْ عن إبدائها، أو ذات ألوان على الأكمام -كما هو في السؤال-، أو فيها ألوان وزخرفة وتطريز مما يُعد من الزينة، كل هذا لا يجوز؛ لأن المرأة مأمورة بإخفاء الزينة ومنهية عن إبدائها. ويقول: (تلبس في الأسواق)، بحيث يراها الرجال الأجانب، هذا لا يجوز، وكذلك المناسبات.
يقول: (ما الحكم فيها بالنسبة للبائع وللمشتري ولولي أمر المرأة)؟ لا شك أن البائع متعاون مع المستعمِل المنهي عن لبس هذه العباءات، فهو شريك له في الإثم، وكذلك ولي أمر المرأة الذي يستطيع منعها مما حرَّمه الله عليها إذا أقرّها على ذلك فهو شريك لها، فلا بد أن يمنعها؛ لأن هذا مما اؤتمن عليه في أَطْرِها على الحق، والله المستعان.
* * *
عدم إنكار المنكرات خشية العقوبة أو التضييق
* الذي يخشى على نفسه من العقوبة أو التضييق، ويرى المنكرات فيُنكرها بقلبه دون اللسان واليد، هل يكون هذا عذرًا له، ويكون ممن لم يستطيع المراتب السابقة في الإنكار، أم أن هذا من الضعف والخَوَر؟
- إذا تحقَّق العقوبة عليه بشيء لا يحتمله، أو بشيءٍ يشق عليه من شخصٍ يملك ويقدر على عقابه فلا شك أن في هذا مندوحة، وجاء فيه الحديث الصحيح، لكن ليكن ذلك متحقَّقًا، لا بالظن والوهم؛ لأن بعض الناس يُخيِّل إليه الشيطان ويسوِّل له أنه يمكن إذا أنكرت على هذا أن يؤذيك أو يُسلِّط عليك من يؤذيك، هذا من تسويل الشيطان وتثبيطه، لكن إذا كان هذا معروفًا أن مَن أنكر عليه آذاه أذىً يشق تحمله فالحديث الصحيح «من رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [مسلم: 49]، فهو داخل في هذا -إن شاء الله -، لكن لا يسوغ في أمِّة بكاملها أو بغالبها أو بأكثر مَن يَمُرُّ ولا يُنكر ولا يأمر بحجة أنه يتأذى! هذا لا شك أنه يجعل المنكرات تستشري. وهذه الشعيرة التي هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوبة من كل مسلم، وليست منوطة برجال الحسبة فقط؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيِّره» إلى آخر الحديث، والله -جلَّ وعلا - يقول: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب خيرية هذه الأمة، وبنو إسرائيل لُعنوا بسبب تركهم الإنكار {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة:79] -نسأل الله العافية-، فلا يجوز لهذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس أن تتشبَّه بأولئك، فلا بد أن يقوم بهذه الشعيرة مَن يَسقط به الواجب ويقوم به تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-