زكية إبراهيم الحجي
لا توقظوا التنين الصيني من نومه فلو استيقظ لهز العالم.. مقولة للقائد الفرنسي»نابليون بونابرت» ويبدو أن «بونابرت» كان محقاً عندما أطلق هذه العبارة.. فها هي الصين قد استيقظت وبدأت قوتها الاقتصادية والعسكرية تهز العالم شرقاً وغرباً.. شمالاً وجنوباً وتتحرك بقوة وثقة نحو قمة الاقتصاد العالمي ولعبة الأرقام ليس ذلك فقط، بل أيضاً النمو العسكري غير مبالية بالقلق الأمريكي من تنين يتمدد ويتزايد حضوره في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك دول الخليج العربي التي تجد في تطوير علاقاتها مع الصين تخفيفاً من ضغوطات أمريكية وغربية.. ولجماً للسلوكيات الأمريكية التي تنتهجها سياسة الرئيس «بايدن» تجاه المنطقة.. ويبدو أن لعبة شد الحبل بين التنين الصيني والنسر الأمريكي لا نهاية لها فكل طرف يريد إثبات القوة التي يتمتع بها.
ازدادت أهمية الشرق الأوسط بالنسبة للصين منذ أواخر تسعينات القرن الماضي إلا أنها كانت أهمية متواضعة لكنها ترافقت مع ازدياد تنامي الرهانات الاقتصادية والمصالح الجغرافية الإستراتيجية.. كما أن العلاقات الأمريكية الصينية كانت علاقات استثنائية وذات طابع خاص إلى أن نشبت الحرب العالمية الثانية وما تمخضت عنها من آثار الدمار والدماء فظهر صراع خفي بين أمريكا والصين قلما يظهر للعلن.. وساءت العلاقات بينهما تدريجياً إلى أن وصلت في المرحلة الراهنة إلى طريق شبه مسدود وتحول الصراع من صراع خفي إلى صراع علني فأمريكا ترى الصعود الاقتصادي والعسكري للصين يُشكل خطراً عليها وقد يُفقدها عرش التربع الاقتصادي وسياسة القطب الواحد إضافة إلى التصعيد وتبادل الاتهامات وتواصل الخطاب التحريضي من الجانبين بوتيرة شبه يومية حول جزيرة «تايوان» التي تُشكل أحد أوجه الاستفزاز للجانب الصيني.. فهل يتطور الأمر لمواجهة عسكرية بعد أن بات التنافس بين واشنطن وبكين أحد العوامل المحددة للعلاقات الدولية إلا أن الصين تستخدم بذكاء تذبذب وضعف القوة الأمريكية من بداية إدارة الرئيس «أوباما» وحتى إدارة الرئيس الحالي بايدن وباتت العلاقات بين واشنطن وبكين على صفيح ساخن قد تشتعل في أي لحظة
المفارقة العجيبة هو أن التطور الاقتصادي للصين خلال العقود الثلاثة الماضية تمَّ بمباركة أمريكية عندما أيدت أمريكا انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001 وكانت واشنطن في ذلك الوقت تراهن على تقارب وتكامل النموذجين الاقتصاديين الأمريكي والصيني ولم يكن في حسبانها أن ذلك لن يتحقق كما خططت له الأمر الذي أدى إلى تحول استراتيجي مضاد في التصور الأمريكي تجاه الصين.. استيقظ التنين الصيني وخرج من القمقم وهز القطب الذي كان يعتقد بأنه الأوحد وصدقت الحكمة الصينية القائلة:إن المسافة تقيس أصالة الحصان.. أما الزمن يقيس أصالة الإنسان.