سارا القرني
منذ أن أصبح سفر المرأة ممكنًا.. قطعت المملكة -برأيي- كل قضية فرار تستغل ضدها من الذين غررت بهم المنظمات الحقوقية المزعومة بتصوير أحلام وردية، ولجوء وردي مليء بالسعادة والحرية والحقوق المكتسبة، التي يشعر فيها اللاجئ أنه إنسان حقيقي يعيش بكرامة تغنيه عن وطنه، حتى يصطدموا كبقية اللاجئين بالواقع المشؤوم، واقع مليء بالتحرشات والاستغلال الديني والجسدي وتسييس التصاريح لخدمة الأجندات الخفية!
ولعل آخر العائدات من هذا الواقع المشؤوم.. هي «وسام السويلمي» التي عادت إلى أرض الوطن يوم الجمعة بعد رحلة 3 سنوات من العناء والغربة والألم.
وفي تسجيل مرئي لها على تويتر قالت «شكري لقيادتنا، لحكومتنا التي قدمت لي كل هذه الحماية، والرعاية... وأتمنى لو كان حلماً ألا أستيقظ منه»!
وبهذه الكلمات تحديداً أنهت المواطنة «وسام» التسجيل المرئي، أنهته بهذا العمق من الامتنان والرضا، وبدهشة تحقق الحلم بالعودة إلى الوطن، وسط حفاوة الاستقبال ورحابة الصدور، والقبول من المجتمع الذي لم ولن يتخلى عن أبنائه، طالما رأوا في أوطانهم الخير، ليبادلهم وطنهم ومجتمعهم الخير عينه!
ليس حلمًا يا وسام.. أن تكون المملكة وطن عدل وشفافية، ودولة مؤسسات تقضي بالحق طالما كان القائد لا يرضى إلا بالحق.
ليس حلمًا يا وسام.. أن تجدي الحماية في وطنك كي تقري عيناً (كما غردت بذلك شخصية، كأي مواطن ومواطنة ينشدون عن الأمن والحماية ولو كانوا في أقصى الأرض، لجاءهم الوطن يسعى لإكرامهم ومنحهم العزة والمنعة التي يبحثون عنها.
ليس حلمًا يا وسام.. أن تكون عودتك للوطن موضع احتفاء وترحيب، من الجميع بما فيهم رواد التواصل الاجتماعي، لأنك أنصفتِ الوطن في غربتك، فأنصفوك كلهم في عودتك؟
ليس حلمًا يا وسام.. أن تشعري بالأمن والأمان في أرضك، كي تعلمي أنك من اللحظة الأولى عزيزة في وطنك، لا تعيسة لاجئة في بلدان ترحب باللاجئين کي تستغل قضاياهم لخدمة أجنداتها، وتمرير سياساتها عبر أبناء الوطن المغتربين!
ليس حلمًا يا وسام.. أن المملكة لا تفرق بين أبنائها، بغض النظر عن أعراقهم وقبائلهم، فالحق في الإسلام لا ينظر إلى الأنساب ولا إلى المناصب، بل إلى المظلوم حتى يرد إليه حقه، وإلى الظالم حتى يؤخذ منه الحق.
ليس حلمًا يا وسام.. أن تجدي أبناء الوطن البارّين وهم يحاولون إقناعك بكل الطرق أنّ الوطن هو الأمان، وأنّ الوطن هو العائلة، وأنّ الوطن هو الحضن الدافئ الذي لا نلجأ لغيره مهما ضاقت بنا السبل، وأنّ الوطن لا يكون عزيزاً إلا إذا كان أبناؤه أعزاء في عينه قبل أن تمثل عليهم أيادي الخفاء عزة وهمية، وكرامة من نسج الخيال!
ليس حلمًا يا وسام.. أن يُجبر الكسر ويلتئم الجرح، إذا كانت المملكة ضماد الجريح وعزاء المكلوم وسند المظلوم، وفيها مَن لا يخاف في الله لومة لائم أو لسان حاقد.
الحلم يا وسام.. هو الحياة الوردية التي يصورها كلّ مغررٍ ومحرّض لأبناء الوطن كي يتاجر بقضيتهم، ويوهمهم بأنّ الفرار حل، واللجوء حل، والحرية مجانية خارج الوطن، وأنّ السعادة تكمن في التمرد، وأنّ المرأة ذليلةٌ بين أهلها عزيزةٌ في الغربة!
يدفعني كلّ هذا أن أهمس في أذن كل أب وأم ووليّ أمر.. قضية وسام لا بد أن تكون جرس إنذار لكم، احتووا أبناءكم، واعلموا أن في الداخل والخارج مَن لا يقبل بأن يكون أبناء الوطن في خير،
فيحاولون تشتيت العائلات، وتنفير الأبناء من أوطانهم.
تبقى الكلمة الأخيرة لوسام.. أن تفضح كلّ مغرّر ومحرض زيَّن لها الفرار بدلاً من أن يساعدها في أخذ الحق من خلال القنوات الرسمية في وطنها!