جمعتني مع الباحث: محمد القشعمي ثلاثة لقاءات:
اللقاء الأول:
عندما زرته أثناء تنويمه في المستشفى قبل سنوات مضت, وكنت بصحبة الصديق الباحث مسعود المسردي, وكان مضطجعاً على السرير وفي أنفه أنبوب الأكسجين, وبين يديه كتاب يتصفحه, فسلمنا عليه وحمدنا الله على سلامته وتبادلنا أطراف الأحاديث معه, وقبل أن نمضي أشار لابنه المرافق بأن يهدينا من كتبه التي أودعها تحت السرير، فعجبت من حرصه على استغلال كل دقيقة في القراءة والتدوين على الرغم مما يعانيه من الألم.
أما اللقاء الثاني:
فكان على هامش معرض المدينة المنورة الأول للكتاب هذا العام قبل بداية الندوة التي سيلقيها، فعرّفته بنفسي فرحب بي وأم بالتعريف بي للدكتور عبدالله العسيلان والأستاذ: عبدالرحمن الرويس - زمليه في الندوة- ثم تفضل وأهداني أحد مؤلفاته وبادلته بالهدية أن أهديته كتاب (أضواء على التعليم في القريات ماضياً وحاضراً) وكتاب (عايش الكذيبا وما تبقى من قصائده) ثم اتصل بي بعدها بأيام ليستفسر عن بعض ما حوى كتاب التعليم من معلومات.
واللقاء الثالث:
بعد شهر من اللقاء الثاني سافرت إلى الرياض للقائه في منزله فكان اللقاء أوسع وأشمل عرفته فيه عن قرب ووجدته رجلاً طيباً كريماً مثقفاً ثرياً بالمعلومات، وأعجبني فيه توقد ذاكرته، وإصغاؤه لمحدثه، وكم سررت عندما أشاد بكتابي تعليم القريات. ولم أخرج منه إلا بحزمة من الكتب من مؤلفاته.
يعتبر القشعمي من أنشط الباحثين السعوديين على الرغم من أنه لم يبدأ الكتابة والتأليف إلا بعد أن تجاوز الخمسين من عمره، فكانت منه هذه الثورة الثقافية، وأكاد أجزم أنه الوحيد الذي له أثر كلما يممت وجهك وقلبت الصحف والمجلات بموضوعات مختلفة يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً.
نقش أبو يعرب اسمه في تاريخ بلادنا كمؤلف وباحث يشار إليه بالبنان، وكان له الفضل بعد الله في صدور بعض الكتب التي تعد الآن من المراجع المهمة كسلسلة (سلسلة هذه بلادنا) الذي شارفت على 73 إصداراً، كما كان له الفضل في توثيق تاريخنا الشفهي بدعم من مكتبة الملك فهد الوطنية حيث بذل فيه جهداً جباراً متنقلاً بين أنحاء المملكة يسجل للمعمرين والمثقفين والباحثين حيث استضاف ما يقارب (406) شخصيات تراوحت ساعات أحاديثهم ما بين ساعة إلى ثلاث ساعات في موضوعات متنوعة.
أما عن إصداراته فأهمها: كتاب (بدايات) الذي تحدث فيه عن سيرته الذاتية وعن جوانب من وقائع الحياة الاجتماعية في ما يقارب من (31) فصلاً، وكتاب (الأسماء المستعارة للكتاب السعوديين) الذي كشف من خلاله عن الأسماء المستعارة التي كان يتخفى خلفها بعض الكتاب والمؤلفين والأدباء لأسباب عدة، وكتاب ( إهداءات الكتب) الذي حمل بعض عبارات الإهداءات الجميلة من المُهدى إلى المهدى إليه، بالإضافة لكتاب (أعلام في الظل) والذي نبّش فيه بين الكتب والصحف فخرج لنا بأسماء لم نكن نعرفها لولا تسليطه الضوء عليها من الرواد وممن أثروا الصحافة والثقافة والأدب.
ختامًا:
أتمنى أن يكرم بما يستحقه أثناء حياته كما أتمنى من مكتبة الملك فهد الوطنية أن تطلق اسمه على القسم الذي يحتوي على التاريخ الشفهي.
* * *
- محافظة القريات