هناك صفة لم يمنحها الله لكل البشر، وهي صفة عظيمة، إنها صفة البذل والعطاء. ونحن يجب
أن نعطي كما نأخذ بكل سعادة وسرعة وبدون أي تردد، فلا فائدة من عطاء يلتصق بالأصابع إنما يجب أن يكون عطاؤنا بوفاء ونفس طيبة...
المعطي أحد أسماء الله الحسنى سبحانه وتعالى، وهو جل وعلا الذي أعطى كل شيء خلقه، وهو الذي تولى أمره ورزقه في الدارين. في سورة طه يقول جل وعلا {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (50 سورة طه). وقال تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (5 سورة الضحى). والعطاء من أجمل الصفات التي يتحلى بها المسلم، وهو من الصفات التي تساعد على المحبة بين الناس والتخلص من مشاعر البغض والكراهيّة. العطاء هو الكرم، هو أن تعطي دون إجبار وانتظار أي مقابل، وهو صفة كريمة، ترفع من مكانة الإنسان وقدره، وكما يقال «العطاء شرف والأخذ ألم»...
عندما كنا صغارًا نعتقد أن السعادة الحقيقية في الصحة والجمال والمال، ولكن عندما نكبر وننضج نعرف الحقيقة وهي أن سعادتنا تكمن في سعادة من حولنا. والعطاء لا حدود له، وهو ليس عطاء المال فقط. نحن نعطي عطاءً حقيقيًا حين ندعو بإلحاح لأخ في ظهر الغيب، ونعطي عطاءً حقيقيًا حين نعفو عمّن أساء إلينا، ونعطي عطاءً حقيقيًا حين نقبل عذر من يعتذر إلينا، ونقيل عثرته.
نحن نعطي عطاءً حقيقيًا حين نقدِّم فكرة عظيمة، قد تغير حياة إنسان إلى الأفضل. إننا نعطي عطاءً حقيقيًا حين نكون مواطنين صالحين، نسهم في حمل أعباء الوطن. وكذلك يكون عطاءً حقيقيًا حين يشعر من يحتك بنا أنّ الحياة تكون رائعة حين يكون في جوارنا.. ثم إننا نعطي عطاءً حقيقيًا حين نتنازل عن شيء من وقتنا لتقديم خدمة أخوية لأخ أو لقريب أو صديق، حين نقدم لمسلم خدمة بإخلاص، فإننا في الحقيقة نقدمها لأنفسنا. التبسم وحسن الاستقبال والتعاطف والاهتمام والمودة من أكثر ما يحتاج إليه الناس، وهو (قمّة العطاء). وفقني الله وإياكم لما فيه الخير والسداد.