أ.د.عثمان بن صالح العامر
كثيرًا ما يدور في مجالسنا من حوارات أو قل: (نظن أنها كذلك) هي ليست كما ننعت ونصف، بل هي تخالف أبجديات الحوار ومسلماته ومنطلقاته الأساس، فضلاً عن أن المتحاورين قد ينحون بالحوار إلى الشخصنة، والدخول في النوايا، والتعميم، ورفع الصوت في وجه الآخر، وعدم استماع كل طرف للآخر، ودخول أطراف عدة في حوار كان ثنائيًا في الأساس مع أنهم لا ناقة لهم فيه ولا جمل، والأدهى والأمر أن يتولد عن هذه الجلسة الحوارية مشاحنات ومقاطعات وإيغار للصدور وإيقاد لنار الفتنة بين الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل، ولذلك كان لابد هنا من بيان مسلمات الحوار حتى يصدق على ما يدور في مجالسنا هذا النعت الجميل، وهي في نظري:
- الثقة بالمحاور، والاطمئنان له، واستشعار محبته حين حواره لك.
- التحدث عن قناعة راسخة، فأنت تنطلق في حوارك من قناعاتك الشخصية وليس من قناعات الآخرين، ما تتبناه من رأي وما تدافع عنه من قول ليس مجرد ردة فعل، أو تقليد ومحاكات للغير (المؤثر الخارجي).
- كلامك المبني على قناعتك الشخصية في نظرك حق يحتمل الباطل، وكلام المحاور المقابل المبني على قناعته هو في نظرك باطل يحتمل الحق.
- تبحث عن الحق، ولست تدافع عن قناعتك التي تتترس خلفها، فأنت لا تشخصن المواقف، ولا تصفد عقلك بالأغلال المقفلة.
- لديك استعداد لتغير قناعتك متى ما ثبت لك بالدليل أن قناعتك خاطئة، ولن يغضبك أو يضايقك أو يضيرك أن يكون الحق مع غيرك، فأنت أسير الحق وليس الحق أسيرك، وكما قيل (يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال).
- ليس هذا فحسب بل إنك على استعداد تام لأن تتبنى القناعة الجديدة، وتعمل بها، وتدافع عنها وتنافح، متى ما صارت قناعة داخلية عندك.
هنا فقط يكون الحوار مثمرًا، والنقاش بناءً، والنفوس راضية، والمقالات واضحة، والنهايات مقنعة للطرفين، وهذا الحوار الذي ننشده وإلى لقاء والسلام.