عثمان بن حمد أباالخيل
جميل جداً أن يكون الإنسان جريئاً والجريء من يتحمل الصدمات والضغوط من أجل بلوغ الهدف في طرحه للأفكار التي يؤمن بها وتكون في حدود المنطق وحدود القيم الإنسانية ولا يخدش جدار المشاعر الإنسانية ومن بديهيات الجرأة ترتيب الأفكار والتأدب أثناء الحوار مع الآخرين. وكما هو معروف فالجرأة مصدرها جرؤ أي إقدام وشجاعة عكس الخجل الذي يهيمن على البعض. وليس هناك تعريف متفق عليه بين المهتمين لكنها جزء من حياتنا. من تلك التعاريف الجرأة ألا تخاف من قول الحقيقة، الجرأة هي معرفة أن الساكت عن الحق شيطان أخرس.
صور الجرأة كثيرة ومتعددة منها: ابدأ الرأي في موضوع معين مطروح للنقاش والدخول في حوار وليس جدالاً والإلمام بالموضوع والاستعداد النفسي للرد من الطرف الآخر وتوقعات الردود وترتيب النقاط التي سوف يطرحها، الجرأة مطلوبة وتدل على أن صاحبها يتمتع بالثقة والمصداقية والشفافية. إنّ هناك خطاً فاصلاً بين الجرأة والوقاحة يحدده الإنسان المحاور ويشعر بهذا الخط حين يتجاوزه وليس هناك تعريف محدد لكن هناك من يقول إن الوقاحة أعلي مراتب الجرأة. هناك من يخدش جدار الإنسانية ولا يعي إنه خدشها وحين يعدّل سلوكه يتحوّل إلى عالم الوقاحة كذلك الجرأة التي تتخطى الحدود وتضر بالآخر وتجرح بها مشاعر الناس بتحقير وتصغير إنها جرأة بلباس الوقاحة المقزز للنفس البشرية.
هل الجرأة ممكن اكتسابها وممارستها؟ بالتأكيد ليس هناك عائق يحول بينك وبين الجرأة، لكنها تختلف من إنسان إلى آخر وذلك حسب نشأته وتربيته. على وزارة التعليم وضع برنامج تربوي حول ماهية الجرأة وكيفية تعليم وتدريس وزرع الجرأة لدى الأطفال في الصفوف الأولية في التعليم وكسر حاجز التردد لدى الأطفال وممارسة الجرأة. هناك من يشعر بالخجل وتصبب العرق والتلعثم حين يتحدث في جمع من الناس وذلك لفقدانه الجرأة مما يصيبه بالاكتئاب والانزواء وهم كُثر. في المقابل هناك بعض الشباب يرفضون الزواج من فتيات جريئات وذلك لمعرفته المسبقة بالضعف وعدم الثقة بالفتاة الجريئة وهذه قمة التهرب من مجابهة الطرف الآخر وعدم استطاعته النقاش والحوار لكنّ الأزواج يتحكمون بزوجاتهم بالصراخ وعدم فتح باب الحوار والإسكات بالطرق الهجومية التي تؤدي إلى الفراق والتنافر مما يتسبب في الطلاق، والطلاق في مجتمعنا تخطي النسب المئوية العالمية المعقولة والمقبولة. إنّ الجرأة في قول الحق قمة الشجاعة الأدبية والإنسانية يقول عمر بن الخطاب «ألزم الحق ينزلك الله منازل الحق، يوم لا يقضى إلا بالحق والسلام».
الجميع يتمنون أن تكون الجرأة جزءاً من حياتهم لأن الجرأة تريح الأعصاب وتبعث الثقة بالنفس وتضع المسؤولية على قراراتهم التي اتخذوها في ظل الجرأة على محك راحة النفس خصوصا عندما تكون في قول الحق أو إعادة البسمة للشفاه المظلومة. هناك من يتخوّف من الجرأة التي سوف تفتح له أبواباً مغلقة لا يود أن يفتحها، إذاً أين الجرأة ولم الخوف إذا كان بعد الخوف طريق مستقيم يوصل للراحة الأبدية للإنسان. التردد يقتل الجرأة داخل الإنسان فلا تترك للتردد مجالاً يعيقك في التعامل الإنساني الحضاري مع الآخرين. الجريئون هم الذين يشعرون بالثقة بالنفس والتخلّص من نظرات الآخرين التي تدعوك إلى العودة للوراء حيث بحر التردد بأمواجه العاتية ورياحه المتقلبة العاصفة المحبطة بالنفس البشرية.
همسة:
(فقدت الكثير من عدم جرأتي في التعبير عمّا في نفسي فلا تفقدوها).