عطية محمد عطية عقيلان
يحتاج اللعب بالبيضة والحجر إلى مهارة ويقظة وانتباه، حتى لا يؤدي إلى كسر البيضة، وتطلق على كل فهلوي واسع الحيلة يستطيع أن يقنع الناس بما يريد، بأنه يستطيع اللعب «بالبيضة والحجر» وجسد ذلك، في فيلم الفنان أحمد زكي، الذي يجسد شخصية استاذ الفلسفة المفصول من عمله، وتحوله إلى ممارسة الشعوذة والسحر وإيهام الناس بعلاجهم والقدرة على شفائهم والتنبؤ بمستقبلهم وحل مشاكلهم، وضمت قائمة عملائه مختلف الطبقات والمستويات، واستطاع بذكائه وما يملكه من قدرة على «إيهام ضحاياه» أن يتحول إلى الثراء وتحقيق الغنى المادي، ورغم أن الفيلم انتج في عام 1990م، لكن نهجه مستمر ولكن بصيغة عصرية حديثة مختلفة، فلم تعد البيضة والحجر تحتاج إلى مهارة وتوازن حتى لا تنكسر، بل أصبح فن علمي يحتاج إلى دراسة في البرمجيات واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لجذب الناس واقناعهم ومن ثم تحقيق الاحتيال الالكتروني، لا سيما أن التجارة الإلكترونية حول العالم، تحقق نمو ومبيعات بتريلونات الدولارات، وملايين المستخدمين، وهذا فتح الباب، لأصحاب نهج اللعب «بالبيضة والحجر» الجدد، إلى أن يصبحوا قراصنة وهكراً، ليحتالوا على الناس ويحققوا ملايين الدولارات، ومن هذه القصص التي أسدل الستار عنها عام 2021م هي حكاية المحتال التركي توسونجوك، بعد القبض عليه من السلطات البرازيلية في مدينة ساو بالو، وتسليمه لتركيا، والذي استطاع عام 2016م، أن يؤسس بنكاً افتراضياً تحت مسمى «بنك تشيفلتك»، وكان مغني راب في اسطنبول وعمره 27 عاماً، وكان البنك يسمح للمساهمين ببيع وشراء البيض واللحوم، بشكل افتراضي، ويمنح المساهمين أرباحا خيالية تصل إلى120 في المائة في العام، وحقق سمعة وشهر هائلة، وذاع صيته عام 2018م في عموم تركيا، ويضم قرابة نصف مليون مستثمر، وبعد مرور سنة لم يستطع البنك الافتراضي المزعوم بالإيفاء بدفع الأموال للمستثمرين، وسط اختفاء توسونجوك ومعه 200 مليون دولار ونصبه على 80 مليون شخص، ليظهر بعد ذلك، على منصات التواصل الاجتماعي وهو يعيش حياة مرفهة، وباذخة على شواطئ ومنتجعات، من أموال المساهمين في تجارة المواشي المزعومة، وتم طلبه عبر الانتربول والقبض عليه لتبدأ سلسلة من التحقيقات معه لتعويض المساهمين عن بعض أموالهم وبانتظاره السجن الطويل.
حجم التجارة الإلكترونية يتوسع وينتشر، لذا تشدد الجهات الرقابية وتطور أنظمتها وقوانينها للحد من عمليات الاحتيال والنصب والتغرير بالمستهلكين، ومن هذه القرارات، لحفظ حقوق العملاء، ما تم الاعلان عنه مؤخرا عبر وزارة التجارة، بأن مزاولة نشاط التجارة الالكترونية بشكل رسمي يتطلب سجلاً تجارياً أو إصدار وثيقة العمل الحر، وصرح المتحدث الرسمي أن تم رصد 90 ألف متجر إلكتروني مسجلين في منصة معروف، وليس لديهم سجل تجاري أو وثيقة عمل حر ولا بد أن يسارعوا بتصحيح أوضاعهم، لذا عزيزي القارئ لا بد أن نتوخى الحذر عن التعامل مع المواقع والمنصات، عند الشراء أو طلب خدماتها، والـتأكد من موثوقية بعدة طرق قبل التعامل معها، حتى لا نقع ضحية القرصنة والخداع.
خاتمة: تطلب التطبيقات السماح للوصول إلى معلوماتك، مقابل ادعائهم «بالاستخدام المجاني للتطبيق»، وهذا ما يجعل بياناتنا وما تحتويه أجهزتنا، متاحة لهم وعرضة، وبيعها لأطراف اخرى كشركات الدعاية والإعلان وغيرها، كما حدث مع شركة فيس بوك عام 2021م، ودفها مبلغ 644 ألف دولار، كغرامات مالية في فضيحة «كامبريدج اناليتيكا» بسبب انتهاكات قانون حماية البيانات واستخدامها بطريقة غير عادلة دون موافقة اصحاب الحسابات.