رمضان جريدي العنزي
مجحف جدًّا ومؤذٍ وخارج نطاق الإنسانية ومحورها أن نصف البعض بـ(المعاقين)، بل يجب علينا أن نصفهم بأصحاب (الهمم) و(التحديات)؛ فكثير منهم لهم نجاحات باهرة، وقدرات خارقة، وأفعال بائنة، تتعدى حدود ما أصيبوا به، بل تتفوق على كثير من بعض الأصحاء عقلاً وجسدًا وفكرًا وتطلعًا، ولبعضهم جهود ملحوظة في تحقيق الإنجازات، والتغلب على جميع الحواجز والمصدات في شتى الميادين، وفي كل يوم يقدم لنا بعضهم دروسًا في الإرادة والنجاح والتميز، ليصبحوا نماذج رائعة للإبداع، في أغلب المجالات الفكرية والإدارية والثقافية والتنموية والتكنولوجية والرياضية.. لقد حققوا النجاح وحصدوا الجوائز. لقد أثبت هؤلاء أن الإعاقة الجسدية لا تعني الركود والخمول والتواكل والاستسلام، ولا يمكن أن تكون حاجزًا بينهم وبين الطموح والنجاح والتفرد. لقد حول بعض هؤلاء الإعاقة لقصص نجاح، رغم إصابتهم بعجز كلي أو نصفي أو جزئي، بفضل الإرادة والتصميم اللذين يملكونهما للوصول إلى أهدافهم السامية. (كيم بيك) صاحب أقوى ذاكرة في العالم ولد يعاني من تلف في أجزاء في المخ, من بينها فقدان حزمة الأعصاب التي تربط بين نصفيه. أعلن الأطباء عند ميلاده أنه يعاني من تخلف عقلي حاد، وتوقعوا موته في سن الـ14 عامًا. (جهان بخش صادقي) فنان إيراني مصاب بالشلل الكلي ولا يفارق فراشه, لكنه من أشهر الرسامين.. وساهم التحفيز الذي تلقاه من أصدقائه في إلهامه لتقديم المزيد ووجد رغبة شخصية في اكتشاف أعماقه. (ستيفن هوكينج) البريطاني المصاب بمرض نادر سبب له شللاً تدريجيًا على مدار السنوات، حتى أصبح غير قادر تمامًا على الحركة أو حتى النطق. ورغم توقع الأطباء أنه لن يعيش أكثر من عامين استطاع التغلب على مرضه وتحول إلى عالم فيزياء أسطوري. (توماس أديسون) العالم الأمريكي صاحب أكثر من 1000 براءة اختراع، من بينها المصباح الكهربائي، كان لديه صعوبة في التعلم ولم يستطع القراءة حتى سن الثانية عشرة. (طه حسين) ضرير لكنه تغلب على العتمة، وحصل على لقب عميد الأدب العربي، وهو صاحب البصمة الكبرى في الثقافة العربية، احتل قمة الأدب العربي رغم ما تعرض له من انتقادات بسبب آرائه وكتاباته، كان أدبه مدرسة حديثة، وركنًا أساسيًا من حقبة كاملة، هي حقبة التنوير في الفكر العربي. وغيرهم الكثير والكثير، الذي نعرفه والذي لا نعرفه. إن أصحاب الهمم والتحديات خارقون وليسوا معاقين، إنهم نماذج مذهلة لأشخاص تغبوا على الإعاقة، تفوقت عندهم همة الروح والإرادة على إعاقة الجسد، والنتيجة هي الفوز والنجاح والإنتاج والتألق الذي يعجز عنه بعض الأصحاء طوال أعمارهم.