على امتداد الرقعة الزراعية بمنطقة نجران، يسترعي نظر المُشاهد هذه الأيام مزارع النخيل وهي تجسد مشهداً جمالياً لمنظر عذوق التمر المتدلية من النخيل لتأذن بحصاد كريم لأجود أنواع التمور في المنطقة، مروراً برحلة حملت في مراحلها العناية والاجتهاد والمتابعة توجتها علاقة حميمة بين المزارعين في نجران والنخيل. وأسهمت تلك العلاقة في الحفاظ على الهوية والثقافة لفترة طويلة امتدت حتى هذا العصر الزاهر الذي كان القطاع الزراعي ضمن أولوياته، خصوصاً زراعة النخيل والعناية بها.
ة نجران على امتداد وادي نجران من مركز الموفجة غرباً حتى محافظة خباش شرقاً، إلى جانب المحافظات الشمالية لمنطقة نجران مثل بدر الجنوب وحبونا وثار.
وفي جولة لوكالة الأنباء السعودية في مزارع النخيل بالمنطقة عبّر المواطن صالح بلعيد، أحد ملاك مزارع النخيل بالمنطقة عن فرحته وهو يشاهد المحصول قائلاً: إن الموسم الحالي يُعد بحمد الله من أفضل المواسم، لافتاً إلى النخيل ليس بكثرة أعداده وإنما بجودة فسائله المزروعة، والعناية الجيدة من طرف المزارعين في كل مراحل زراعة النخيل، وحتى بعد قطف المحصول، مشيراً إلى أن إنتاج نجران السنوي من التمور أكثر من 50 طناً وما يقارب 30 ألف نخلة.
من جانبه أوضح المزارع علي مهدي، أن زراعة النخيل بالمنطقة ناجحة بامتياز حتى للأنواع التي أتت من خارج المنطقة، وذلك لتوفر التربة الخصبة والماء العذب والأجواء المعتدلة، مُبيناً أن العادة قد جرت في نجران قديماً أن يقوم الناس بإعداد «الرجيز» وذلك عبر أربع مراحل وهي مرحلة الفرز والتصنيف، والتنظيف وإزالة الشوائب من التمور، وبعد ذلك مرحلة غسل التمور، وأخيراً مرحلة التعبئة في أدوات جلدية مُحكمة خصصت لذلك، ويتم بعد ذلك تناولها وإكرام الضيف منها، كما يتم أيضاً إنتاج أفضل أنواع الدبس أيضاً.
وتنتج مزارع النخيل بمنطقة نجران والمحافظات التابعة لها، أكثر من 30 نوعاً من التمور منها البياض والمواكيل، والرطب. وتزدهر حركة البيع والشراء في السوق المركزي للتمور بحي أبا السعود تزامناً مع إنتاج مزارع نجران هذه الأيام، حيث تتراوح أسعار تمر البياض من 500 إلى 3500 ريال للكيس الواحد، ويتراوح سعر تمور المواكيل من 200 إلى 1000 ريال للكيس الواحد، ويبلغ سعر الرطب النجراني من 25 إلى 60 للكرتون، فيما يتراوح سعر تمر البرحي من 45 إلى 30 للكرتون الواحد.
ويصنع من خوص النخيل بنجران العديد من الصناعات اليدوية التراثية مثل «المهجان» وهو عبارة عن سفرة توضع عليها دلال القهوة وبعض أواني الأكل، و»المصرفة» وهي إناء لحمل التمر وأي أغراض أخرى، إلى جانب العديد من الأواني التي تستخدم في المنزل، كما يُطحن نوى التمر جيداً ويتم بعد ذلك تقديمه للماشية.