سارا القرني
في أكثر من 26 ألف يوم ترفيه فعلي جذبت المملكة أكثر من 75 مليون شخص منذ انطلاقة الهيئة العامة للترفيه. وبحسب آخر الإحصاءات من موقع الهيئة فإن عدد الشركات العاملة في القطاع تجاوز 2500 شركة محلية وعالمية!
تغنيني هذه الأرقام مبدئيًّا عن صداع معرفة المال المنفق في السياحة خارج المملكة، وتغنيني كذلك عن معرفة حجم التأخير لدينا في صناعة الترفيه لولا القرار الجريء من سيدي سمو ولي العهد بإنشاء الهيئة العامة للترفيه بقيادة معالي المستشار تركي آل الشيخ.
كل تلك الأرقام الكبيرة التي تحققت، وما زلنا في البداية؛ إذ أُنشئت الهيئة في مايو 2016م، أي لم تدخل عامها السادس إلا منذ أيام قليلة، ورغم ذلك فإن الإنجازات التي تحققت -وبالأرقام- لن تفعلها دولة أخرى على مدى عقود، والدليل على ذلك ما شهده موسم الرياض الأخير حين جمع فعاليات ومناطق ترفيهية تكفي دولة.. واختزلها في مدينة واحدة!
7500 فعالية في مدينة واحدة موزعة على 14 منطقة، تجعلك تؤمن بأن ما تراه على أرض الواقع ليس إنفاقًا لاستيراد الترفيه بل صناعة لإنتاجه، وكذلك كسر للأرقام القياسية على بعض المستويات؛ إذ كسرت الألعاب النارية وحدها التي نظمتها هيئة الترفيه في اليوم الوطني السعودي الرقم القياسي العالمي المسجَّل لصالح الفلبين في احتفالها برأس السنة الميلادية عام 2016م.
صناعة الترفيه تتطلب جرأة توازي الأفكار المطروحة، فبين النمط الديني والتنوع الثقافي في المملكة تأتي جرأة القرار لحياة تحتاج إلى الازدهار، لتتوالى الأرقام بعد ذلك، وتتهاوى أمامها المخاوف بفشل النظرة المستقبلية للترفيه!
أكثر ما يهمني هو تصدُّر المملكة مؤشر السعادة عام 2020 كأسعد بلد عربي في هذا المؤشر والـ21 بين دول العالم، ولولا جائحة كورونا لما بالغت وقلت إنها ستكون ضمن الدول العشر الأولى في مؤشر السعادة.
أكثر من 100 ألف وظيفة، وأكثر من 6 مليارات ريال، هو الدخل المباشر وغير المباشر من موسم الرياض وحده في نسخته الأولى، وارتفاع عدد السجلات التجارية الخاصة بقطاع الترفيه بنسبة أكبر من 900 % خلال 5 سنوات، بين 2015 و2020م. وتتويجًا لحسن الإدارة ومواكبة التقنية في قطاع الترفيه حصلت الهيئة العامة للترفيه على شهادة الجودة في نظام إدارة خدمات تقنية المعلومات آيزو ISO/ IEC) 20000) المعتمدة من هيئة المقاييس الدولية، لتحقيقها الكفاءة العالية في الحلول التقنية التي تسهم في تطوير منظومة قطاع الترفيه وفقًا للمواصفات العالمية.
ولا ننكر أن الترفيه تواجه صعوبات رغم النجاحات المستمرة، منها الثقافة المجتمعية والطقس. ففي جدة -على سبيل المثال- لا يكون الموسم إلا بداية الصيف تقريبًا، ورغم الحضور الكبير إلا أنني أتوقع أنه لو كان في الشتاء لرأينا أرقامًا سياحية قياسية كثيرة تتهاوى من حولنا أمام روعة الموسم. وهذا عتب أنقله بلطف إلى معالي المستشار، ولا أظن أنه يغفل عنه، وله أسبابه، وإن كنت أجهلها.
الترفيه بين الاستنساخ والابتكار له مفهومه الواسع وتحدياته المتكررة، لكنني أجزم بأن مستهدفات الرؤية حيال الترفيه ستتغير سواء في المستهدفات المالية أو عدد الزوار المتوقع بـ 100 مليون زائر؛ لأننا اقتربنا من كسر هذه الأرقام قبل الموعد المحدد بكثير!
ولأن الهيئة تهتم بصناعة الترفيه أكثر من استنساخه.. فإننا نتمنى لو رأينا مسابقة كبرى في تصميم الألعاب الإلكترونية، وأثق بأن في شبابنا من يحمل أفكارًا يمكنها تحقيق العالمية بسهولة في هذا المجال لو وجدوا من يتبناهم، ولن نجد مثل جرأة معالي المستشار تركي آل الشيخ في مثل هذه الأمور، ولا سقفًا يجمعهم أفضل من هيئة الترفيه!