محمد سليمان العنقري
التمويل قد يكون من أكبر العوائق التي تواجه قطاع الأعمال عند البحث عن تأسيس المشاريع, أو التوسع بالقائم منها وحتى تمويل صفقات استثمارية, إلا أن السنوات الأخيرة ومنذ إطلاق رؤية 2030 شهدت المملكة حلولاً واسعة في التمويل خصوصاً لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة عبر برنامج التمويل الصح الذي يسر الخطوات من خلال بوابة واحدة والربط مع شركاء البرنامج من قطاع التمويل التجاري والحصول على الرد بوقت قياسي خلال أيام وهو البرنامج الذي تشرف عليه « منشآت», لكن الحصول على التمويل ليس المعيار الوحيد للاتجاه نحو أي فرصة استثمارية فهناك معايير أخرى لابد من العمل عليها ولعل أبرزها الفحص النافي للجهالة وهو ما يسمى أيضاً Due Diligence فهو أول عامل يتم البحث فيه عند الاتجاه لعقد صفقات الاستحواذ أو ضخ استثمارات في منشأة من قبل مستثمرين, فهو يعد من أهم مراحل الإعداد للقرار الاستثماري, فأي منشأةٍ تسعى لإجراءِ عملية مالية مثل الاستحواذ أو الاستثمارِ الجزئي أو أي نوع من التحالفات التجارية بمنشأة أخرى فإن أول خطوة هي التحقق من كافة المعطياتِ المتعلقة بالمنشأةِ التي يستهدفون الدخول معها بفحص دقيق لكافة الجوانب المالية والقانونية والتشغيلية وذلك لتعزيز جودة القرار الاستثماري.
فالجهات التنظيمية بالدول تفرض على المنشآت قواعد محددة بالإفصاح والشفافية تعطي صورة كاملة عن أوضاعها, والمملكة تعد من الدول المتقدمة بتطبيق هذه القواعد على قطاع الأعمال الخاص، ولكن عند التدقيق في أساسيات الفحص النافي للجهالة فإن إلمام المستثمرين منشآت أو أفراداً بالأساسيات التي يقوم عليها هذا الفحص بغاية الأهمية وذلك للتحقق من العمليات الماليةِ والتجاريةِ والتشغيلية وكذلك استراتيجية المنشأة, فالفحص النافي للجهالة يرتكز على نوعين الأول وهو المالي والتجاري الذي يعد الأهم على الإطلاق لأنه يؤسس لما بعده من خطوات للمضي قدماً بالعملية المستهدفة حيث يتم فحص النسب المالية للمنشأة والتي يتم الحصول على معلوماتها من الميزانية العمومية, إذ لابد من معرفة نسب الربحية والسيولة والتشغيل والكفاءة والمديونية حيث تكشف للمستثمر الجوانب المهمة فيما يتعلق بسرعة المنشأة على تحويل الأصول غير النقدية إلى نقد, وكذلك توفر السيولة لسداد الالتزامات قصيرة الأمد بالإضافة لتحليل الإيراداتِ التشغيلية وتطوير رأسمال الشركة وكيفيةِ حسابِ التدفقاتِ النقديةِ للشركة وتحليل أنواعِها سواءٌ التشغيلية أو الاستثمارية أو التمويلية ثم الانتقال لفحص وتقييم أصول الشركة والتي يأتي في مقدمتها طويلة الأجل وكذلك وضع المدينين والاطلاع على عملاء المنشأة وحصصها بالسوق لمعرفة مدى استدامة المبيعات, إضافة ً إلى معرفة ما تمتلكه من أصول ٍسائلة ونقدية في البنوك فهي عوامل مهمة لفهم طريقة الشركة لإدارة تدفقاتها النقدية والتزاماتها وعلاقتها بالقطاع المالي.
كما يجب معرفة ومراجعة التزاماتِ الشركةِ بمختلفِ أنواعِها الطويلةِ أو قصيرةِ الأجل لقياس أي مخاطر مترتبة عليها مستقبلاً.
اما النوع الثاني من الفحص فهو الجانب القانوني للمنشأة للتأكد من وضع الشركة مثل عقد التأسيس وعقد الشركاء وكذلك عقود الموظفين إجمالاً وخصوصاً الادارات العليا بالاضافة للعقود مع الأطراف الخارجية كالموردين والعملاء وعقود الإيجار وغيرها لمعرفة ما يترتب على المنشأة من التزامات اتجاه هذه العقود بالاضافة لفحص سجلات الشركة وكذلك وضع فروعها والصلاحيات داخل الشركة تنظيمياً من خلال تقييم الحوكمة الداخلية بالاضافة للتدقيق بملكية الأصول وهل المستندات كافية لتوضيح واقع هذه الملكيات ومدى مطابقتها للانظمة الرسمية وكذلك معرفة واقع الموجودات الملموسة وغير الملموسة ومدى الالتزام بالإجراءات التنظيمية من الأنظمة واللوائح او ما يعرف بالمطابقة والالتزام كما يتضمن الفحص القانوني العلامة التجارية وحقوق الملكية الفكرية للمنشأة وكيفية حمايتها وتسجيلها نظاماً فالجهل بالوضع القانوني للمنشأة يترتب عليه مخاطر كبيرة وهو لا يقل اهمية عن الفحص المالي والتجاري لها كما يتضمن كذلك الاطلاع على الوضع الضريبي والزكوي ومدى التزامها وكذلك الوضع القضائي الذي يعنى بمعرفة ما على المنشأة من قضايا او ما قامت هي برفعه ضد الغير فالاطلاع على الوضع القانوني من شأنه ان يحدد ويكشف الكثير من واقع ماعليها من مخاطر قد تكون سبباً بتعطيل او تخفيض مستوى نشاطها او تعرضها لخسائر قد تمنع استمرار نشاطها
الفحص النافي للجهالة يعد مرحلة أساسية للتوجه لاي عملية مالية من اي نوع ويتم الاعتماد فيه على مؤسسات متخصصة بالقيام به ولديها خبرات واسعة ومختصين متمرسين ولابد من معرفة ان فحص وقياس كل منشأة يختلف ببعض الجوانب عن غيرها بحكم نوع النشاط الذي تمارسه الا انه من المهم ان تتجه اي منشأة او مستثمر لمختصين للقبام بالفحص النافي للجهالة لكي يساعده ذلك بإتخاذ القرار الإستثماري المناسب