علي حسن حسون
ماذا لو أننا نعيش الحياة بكل رفاهية وأننا نعيش الرخاء على الدوام.. هل سندرك حقيقة تلك الحياة؟ ماذا لو أن جميعنا أغنياء.. هل سندرك معنى الغنى بالطبع لا فهناك قاعدة في علم الفلسفة تقول الأشياء تعرف بأضدادها؛ أي لو لا الظلام لما عرف النور، ولو لا الحق لما عرفنا الباطل ولولا وجود العسر لما كان لليسر معنى، وقس على ذلك.
بين ذلك جون روبرتس رئيس قضاة الولايات المتحدة في خطابٍ له يوم حفل تخرج ابنه قال فيه: سامحني إن قلت لك إني أتمنى لك بعضاً من الظلم حتى تعرف قيمة العدالة، وآمل أن تتعرض للخيانة لتوقن أهمية الولاء وأن تشعر بالوحدة من وقت لآخر حتى لا تعتقد بأن الأصدقاء سيكونون حولك بشكل دائم.
وأردف قالاً: أتمنى لك حظاً تعيساً لتدرك دور التوفيق في الحياة، ولتفهم أن نجاحك ليس مستحقاً تماماً، وأن فشل الآخرين لا يستحقونه بالكامل، وعندما تخسر في كل مرة آمل أن يشمت خصمك بفشلك لكي تعي أهمية المنافسة الشريفة، وكما أود أن تعاني أكثر في هذه الحياة، وتشعر بالألم حتى تعلم أهمية العطف والرحمة.
هذا الخطاب الذي يملؤه الشؤم كما يعتبره البعض يختزل معاني كثيرة يجب معرفتها من قبل الفرد في مواجهة العقبات التي قد تواجه في المستقبل، ومن شأنها أن توسع دارة الإدراك لديه، وليس من الضروري أن تتعرض للظلم مثلاً لتعرف معنى العدالة، كل ما عليك هو أن تمعن النظر فيما يدور حولك، أو أن تتصفح كتب التاريخ ستجد أن هناك رجالاً كانوا مصداقاً للعدالة يقيمون الحق أينما وجدوا، حتى لو كان على أنفسهم، ولا يبخسون الناس أشياءهم، ويعطون كل ذي حق حقه، وعلى النقيض تجد عكس ذلك تماماً، والعقل البشري قادر على أن يميز بين حسن العدل وقبح الظلم.
أخيراً، وجود هذه التناقضات في الحياة هي سنة كونية، فالتجربة والاعتبار عاملان قويان في صقل شخصية الفرد، ومردودهما يعود بالنفع في الوقوف أمام صعوبات الحياة.