كل يوم يستشعر القاصي والداني عظمة هذا الوطن المعطاء، وذلك بفضل الله سبحانه ثم بفضل حنكة وحكمة قيادته وطموح وكفاح شعبه فوطننا الغالي أصبح اليوم قوة دينية واقتصادية وسياسية لايستهان بها وأصبح مثار اهتمام جميع دول العالم..
فكانت قمة جدة للأمن والتنمية، التي اختتمت برئاسة مملكتنا الحبيبة، قمة ترسيخ مبادئ وثوابت في العلاقات بين الدول، حيث يجب أن تقوم العلاقات بين الدول على أساس من الاحترام المتبادل بين هذه الدول، وذلك من خلال تطبيق المبادئ والمصالح المشتركة والصداقة والأخوة التي تربط بين شعوب العالم.
لقد رأست المملكة هذه القمة وذلك بحضور قادة دول مجلس التعاون العربي وأيضاً جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة العراق والولايات المتحدة الأمريكية، فقد أرسلت هذه القمة عدة توجيهات ورسائل مهمة وعاجلة إلى كل من يعنيه الأمر، وأكدت القمة أنه لا يحق لأي دولة أن تفرض سياستها أو همينتها على دول أخرى.
وكانت الآية القرآنية الكريمة التي افتتحت بها القمة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. هي أول الرسائل المهمة ثم توالت بعد ذلك الرسائل الهادفة وذلك من خلال كلمة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الكلمة التي ألقاها في القمة، حيث أكد ضرورة الاحترام لكل القيم النبيلة لشعوب ودول المنطقة، حيث دعا أيضاً سموه لوضع إطار كامل لمرحلة جديدة باعثة للأمل في نفوس شعوب المنطقة.
لقد كان ولي العهد صريحاً وواقعياً، حيث دعا جميع المشاركين إلى مزيدٍ من التكاتف والتعاون لمواجهة ما يقابل الشعوب من تحديات وصعوبات في الوقت الحالي، حيث اشترط سموه أن يكون هذا التعاون وفق سياسة تبادل الاحترام بين الدول، وقد أكد كل المحللين أن المملكة العربية السعودية، أن كلمة سمو ولي العهد، تؤسّس لبداية ميثاق وعهد دولي جديدين، وذلك من أجل تعزيز التعاون المشترك بين جميع الدول للحفاظ على مصالحها، وذلك بعيداً عن أية وصايا أو إملاءات تفرضها دولة على أخرى.
أيضاً فقد عبر البيان المشترك بين قادة مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة على التزامهم بحفظ أمن المنطقة واستقرارها، وأبدى جميع القادة دعمهم لضمان خلو منطقة الخليج من كافة أسلحة الدمار الشامل، مشيرين إلى مركزية الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وللتصدي للإرهاب وكافة الأنشطة المزعزعة للأمن والاستقرار. وقد عبروا عن عزمهم على تطوير التعاون والتنسيق بين دولهم في سبيل تطوير قدرات الدفاع والردع المشتركة إزاء المخاطر المتزايدة لانتشار أنظمة الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة، وتسليح «المليشيات الإرهابية» والجماعات المسلحة، حسب البيان.
من الأشياء المهمة التي كانت في جدول أعمال هذه القمة العمل على منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، ودعوة إيران إلى العودة لالتزاماتها النووية، والتعاون الكامل مع وكالة الطاقة الذرية، واحترام قواعد حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون الإيجابي مع دول المنطقة والمجتمع الدولي، بما يحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وكذلك دعم العراق وأمنه واستقراره ورفاهه، ودعم الحلول السياسية لأزمات المنطقة كافة.
وقد نتج عن هذه القمة أنها أكدت الشراكة التاريخية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتعميق التعاون المشترك في مختلف المجالات، وتؤكد أهمية تطوير سبل التعاون والتكامل فيما بينها، وبناء مشاريع مشتركة تسهم في تحقيق تنمية مستدامة في المنطقة، والتصدي الجماعي للتحديات البيئية، ومواجهة التغير المناخي، بما في ذلك مبادرتا السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر اللتان أعلن عنهما صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
وأكدت هذه القمة على «أهمية التعاون الوثيق والرؤى المشتركة حيال عدد من القضايا والأوضاع في المنطقة، التي منها تأكيد موقف دول المجلس من دعم حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وإدانة هجمات الحوثي الإرهابية ضد المدنيين والأعيان ومنشآت الطاقة، والترحيب بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ودعم الحل التفاوضي بين الحكومة اليمنية والحوثي، والترحيب بالهدنة وتمديدها، وأهمية الالتزام باستمرار دعم الحاجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني».
فكل ذلك يؤكد ريادة مملكتنا الحبيبة كدولة قائدة وراعية السلام والتعاون بين جميع شعوب العالم ومراعاة الحاجات الإنسانية لهم. وسيبقى هذا الوطن عزيزا بحكمة قيادته وهمة شعبه ولن يكون منبوذا ولا رهينة لأحد فخياراته مفتوحة على مصراعيها والخاسر من يناصبه العداء بل تسير الأحداث بفضل الله ضد من ينوون به شرا وينقلب السحر على الساحر، وهذا مؤشر على أن الله كفيل بحماية هذا الوطن لأنه وطن الخير والمحبة والسلام للبشر.