د. نوف بنت محمد الزير
كل ما نشاهده في حياتنا من تقدّم وتطور، ومؤسسات ومشاريع، وإبداعات وابتكارات في شتى الآفاق وما قرأناه وسمعنا عنه من الحضارات المتقدمة على مرّ التاريخ، وعلى مستوى العالم - كان الأصل فيه فكرة خطرت على قلب صاحبها، وتأملها بفكره ورسمها في مخيلته وخطوات عملية تجاهها واستمرار لتحقيقها حتى رآها ماثلة أمام عينيه.
في سباق الأفكار والمشاريع على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، الأفكار الفائزة محل نيل الجائزة، والأفكار التي لم تحصل على مراكز محددة تبقى- أو هكذا ينبغي أن يكون- في تقدير ومركز تنفيذ، وسجل وطني قابل للاستثمار على مستوى الجهات والمؤسسات المحلية والعالمية ويمكن للشركات الاستفادة من أصحاب العقول وبسط علاقات التواصل معهم.
فإذا ما نالت إحدى الأفكار إعجاب شركة ما وحازت على رضاها، يتم التواصل مع صاحبها إما لتنفيذها أو لاتخاذ الإجراءات المناسبة المتعلقة بحفظ الحقوق الأدبية والمادية والاعتبارية.
نحن وكثير ممن حولنا وبعض أبنائنا يحدثوننا أن لديهم أفكاراً يمكن أن تُسهم في تصويب كثير من المواقف والأماكن والمشاريع، أو تصحيح بعض المسارات، أو معالجة المشكلات أو تطوير البيئات أو بناء مشروع أو تأسيس جهة أو برنامج يمكن أن يضيف إلى مجتمعنا ومؤسساته وأفراده الشيء الكثير ويسهم في رقيّ وطننا واستدامة صعود طموحاته وقادته وأبنائه؛ ولكن قد يخفى على معظمهم تفاصيل التعبير عنها والتعريف بها وتوجيهها حتى وصول الفكرة إلى هدفها المحدد أو جهتها التي يمكن أن تستفيد منها وتستثمرها.
إن وجود منصة وطنية للأفكار الإبداعية والشخصيات الطموحة يُعدّ مكتنز الأفكار التي لا شك سيكون لها الأثر الكبير في تحقيق رؤيتنا الوطنية وتطلعاتنا المستقبلية وسيجعلنا وأبناءنا وجيلنا نشعر أننا في بيئة خصبة تُستنبت منها الأفكار والمشاريع والتطلعات، وتُستزرع فيها الآمال والطموحات فإن ذلك من أعظم ما يمكن أن تُستثمر فيه العقول النافعة وتكافأ به النفوس الطموحة وتُعمر به المؤسسات الناجحة وتنمو به الأوطان بسواعد أبنائها، ثم أيضاً يمكن أن يتحقق من خلال ذلك على المدى البعيد أن يخرج من كتّاب الأفكار ورائديها مبدعون ومفكرون ومستشارون تتحقق بهم ومعهم الكفاءة والكفاية حتى نصل إلى اقتصاد المعرفة واقتصاد الأفكار واقتصاد الإبداع والابتكار، ونحقق تنمية مستدامة على المدى البعيد تمكننا من استشراف مستقبل مشرق حافل بالتميز والمواطنة الحقة المساهمة في بناء الأفكار واستثمارها وتنميتها وتطويرها ومأسستها ومنهجتها حتى تتكون أجيال الإبداع التي تتطلع لحضارة باقية على مر التاريخ بإذن الله.
فإن لكل دائرة مركزاً يقوم عليه توازنها، ومحوراً ترتكز عليه أبعادها، ومنحنىً يحيط بأجزائها لتبدو مكوناتها في سياق منسجم.
ذلك محل تطلعات ولاة الأمر وطموحات الشعب، وهذا ما يليق بوطننا العظيم الذي يترقب أبناءه يقدمون له أجمل ما لديهم مما يرقى لمستواه -على طبق من حب وعطاء وإبداع.
فأين الجهة الرائدة في مجتمعنا المبارك ووطننا العظيم التي ستتبنى هذه الفكرة وتقول: أنا لها؟؟!